الغرب يصب الزيت على النار في أوكرانيا
ريا خوري
لم يتوقف الغرب عن صبّ الزيت على النار في الحرب الروسية الأوكرانية، وما زال يعمل على تأجيج الأوضاع وتوتيرها بطريقةٍ باتت خطيرة أكثر من أي وقتٍ مضى. لقد اتسعت الحرب وتدحرجت كرة الثلج بشكلٍ متسارع، ومما زاد خطورتها وتفاقمها هو تعرّض العاصمة الروسية موسكو للاستهداف بطائرات مسيّرة.
لقد استعرت حرب المسيّرات، وبدأ الصراع العسكري يأخذ شكلاً آخر، مع تجرؤ أوكرانيا على شنّ ضربات في العمق الروسي، وصولاً إلى بعض الأحياء السكنية في العاصمة موسكو، فضلاً عن المدن الحدودية التي أضحت تحت النيران الأوكرانية.
من الواضح أن القيادة الأوكرانية تعتزم نقل المعركة إلى الأراضي الروسية، وهذا تجلّى في أكثر من مناسبة، منها شنّ عمليات عسكرية بريّة على بعض المدن، استطاعت القوات العسكرية الروسية صدّها وتحييدها، لكن الهدف الأساسي منها هو تشتيت القوات الروسية، ودفعها للانكفاء إلى تعزيز الجبهة الداخلية من جهات محدّدة.
وقد يكون رهان القيادة الأوكرانية على ذلك خاطئاً، لأن موسكو أكَّدت أكثر من مرة أنّها لا تنوي اللجوء إلى حرب شاملة. وفي حال اضطرت إلى اللجوء إلى تلك الحرب، فهذا يعني أن أوكرانيا ستدخل في مرحلة نارية عنيفة لم تشهدها من قبل، وستتكبد خسائر فادحة في العتاد والجنود لا يمكن احتمالها أبداً.
إن ما يقوّي شوكة أوكرانيا هو الدعم الأمريكي- الغربي اللامحدود، فالولايات المتحدة الأمريكية قدّمت مساعدات عسكرية ولوجستية بقيمة سبعة وثلاثين ملياراً وستمائة مليون دولار منذ بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، فضلاً عن الدعم الكبير جداً من دول غربية أخرى مثل بريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا. ولم يكتفِ الغرب بذلك، حيث يُلحظ تحركات أوروبية بهدف إعادة صياغة خطة السلام الأوكرانية، والعمل الحثيث على حشد الدعم الدولي لشروط القيادة الأوكرانية لإنهاء المعركة، وهذه إشارة أخرى إلى أن الحرب الساخنة التي تجري الآن هي حرب عالمية، لكنّها محصورة بالأراضي الأوكرانية، حيث يسعى المعسكر الغربي الأمريكي- الأوروبي المناهض لروسيا للانتصار فيها بأي ثمن كان.
لكن مهما قدّمت الولايات المتحدة ومعها الغرب الأوروبي من دعم، فإن هزيمة روسيا لن تكون ممكنة، والنار التي تمسّ اليوم بأمنها، سوف يكتوي بها الغرب بأكمله، لأن زيادة الضغط على روسيا تولِّد الانفجار المدمّر. وقد أكدت القيادة الروسية أكثر من مرّة أن الهزيمة تعني حرباً كونيّة، في حين يرى الغرب الأوروبي- الأمريكي أن مسألة إسقاط روسيا عسكرياً هي حياة أو موت!.