جنون العظمة الأمريكي.. “أمر غير مقبول ويتحدّى المنطق”
تقرير إخباري
تعاني العقلية الأمريكية ما تعانيه من تكبّر وغرور يصل إلى حدّ جنون العظمة مع الأخذ بالاعتبار قوّتها العسكرية وتفرّدها بحكم العالم، في فترة زمنية كانت روسيا الاتحادية تلملم فيها ذيول انهيار الاتحاد السوفييتي وتعيد تنظيم صفوفها والحفاظ على القوة العسكرية التي راكمها السوفييت على مدى عقود، بينما كانت الصين تقوم ببناء قوتها الاقتصادية وتنظيم مجتمعها الداخلي استعداداً للوصول إلى مصافّ الدول العظمى دون الالتفات إلى ما قد يعرقل تطوّرها، ولو إلى حين.
تلك الفترة وما شهدتها من تحدّيات للصيني والروسي نتج عنها مسارعة واشنطن إلى ملء الفراغ الأمني والعسكري، وتحوّلها إلى ممارسة دور شرطي العالم الأوحد والمتحكّم في تشكيل التحالفات العسكرية أو تفكيكها، ومعاقبة الدول والأفراد والحكم عليهم دون الرجوع إلى الأمم المتحدة للحصول على موافقات ولو كانت شكلية ومحسومة.
وجاءت الصدمة الأولى لواشنطن التي كشفت عن تراجع دورها وتضاؤل نفوذها مع بدء الحرب الإرهابية على سورية، حيث عادت موسكو وبكين لممارسة دورهما في موازنة الدور الأمريكي ورفضت الدولتان تمرير العدوان على دمشق تحت مظلة الأمم المتحدة، واستخدمتا حق النقض “الفيتو” أكثر من مرة للحؤول دون حصول واشنطن ولندن وباريس على مبتغاهم وتشريع عدوانهم.
وتتالت الصدمات الأمريكية حتى انطلاق العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا ورفض الكثير من الدول في أمريكا الجنوبية وإفريقيا وآسيا أوامر واشنطن بإدانة موسكو في الأمم المتحدة، كما رفضت الانضمام إلى العقوبات الأحادية الجانب على روسيا أو قطع العلاقات معها كما كانت أمريكا تمنّي نفسها.
ومن مجمل التحوّلات الكبرى التي تشير إلى الخروج الجماعي على القرارات الأمريكية وخاصة في منطقتنا، جاءت عودة الروح إلى العلاقات العربية التي تجلّت في تواصل العديد من العواصم العربية مع دمشق وما نتج عنها من عودة سورية إلى جامعة الدول العربية، كما كان تحسّن العلاقات الإيرانية – العربية وخاصة مع المملكة العربية السعودية جزءاً من هذه التحوّلات.
أما الأمريكي فقد كان يراقب عن قرب هذه التطوّرات، وكانت تصريحات مسؤوليه تدلّ على الحنق والتململ المفرمل بفعل التصعيد في شرق أوروبا وجنوب آسيا والرغبة بالتهدئة في الشرق الأوسط، ولكن التحالف الذي أعلنت إيران اعتزامها تشكيله مع السعودية ودول خليجية أخرى بالإضافة إلى الباكستان والهند، أخرج الأمريكي عن طوره وحدا بالمتحدث باسم الأسطول الأميركي الخامس والقوات البحرية المشتركة، تيم هوكينز، إلى القول: إن هذا التحالف المزمع تشكيله “أمر غير منطقي ويتحدّى العقل”.
فليس من المقبول وفقاً “للمنطق” الأمريكي أن تقوم دول تمتلك حدوداً بحرية وبرية وتاريخاً مشتركاً بالتحالف فيما بينها ورسم مصير مناطقها بعيداً عن التدخلات الخارجية والأمريكية تحديداً التي تعتمد على تشكيل التحالفات لحصار الدول وزرع بذور الخلاف والشقاق بينها وتحريض بعضها على بعضها الآخر، وهو “أمر غير مقبول ويتحدّى المنطق!”.
إبراهيم ياسين مرهج