زيارة واحدة لن تحدث فرقاً
عناية ناصر
تواجه الولايات المتحدة تعقيدات صعبة في إدارة علاقتها الثنائية مع الصين، في ظل غضب صيني يتسع من طريقة تعامل إدارة بايدن، وخاصة من خلال تصويرها للصين على أنها خطر وتهديد يجب مواجهته.
تتعدّد نقاط الخلاف بين القوتين اللتين تخوضان منافسة شرسة، من أزمة تايوان مروراً بالمطالبات الإقليمية الصينية في بحر الصين الجنوبي، وصولاً إلى معركة الرقائق الإلكترونية. كما ازدادت شحنة التنافر بين الدولتين بعد الاختراق الدبلوماسي الصيني في الشرق الأوسط عبر الاتفاق السعودي الإيراني، الذي اعتبرته واشنطن بمثابة جرس إنذار صيني آخر لمزاحمتها على الساحة الدولية. والآن تتهم واشنطن الصين بإقامة قاعدة تنصت في كوبا لجمع المعلومات عن أمريكا.
في ظل هذا الوضع المتأزم في العلاقات، اتفقت واشنطن وبكين خلال الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الأمريكي بلينكن إلى بكين، واستمرت يومين، على تكثيف الحوار لمحاولة الارتقاء بالعلاقات من أدنى مستوياتها التاريخية، ومحاولة إعادة بناء العلاقة المتداعية بين الحكومتين.
ورغم المصافحة بين وزير خارجيتها ونظيره الأمريكي أمام الكاميرات، لكن خلف الأبواب المغلقة تؤكد بكين لواشنطن أن علاقاتهما “في أدنى مستوياتها منذ إقامتها” عام 1979، وفقاً لما أورده تلفزيون “سي سي تي في” الصيني الرسمي.
وأعلن الجانبان أن وزير الخارجية تشين غانغ وافق على القيام بزيارة إلى واشنطن في وقت لاحق، وأنه سيعمل مع أنتوني بلينكن على زيادة عدد الرحلات الجوية بين البلدين، في حين ما زالت عند حدها الأدنى منذ ظهور جائحة كوفيد.
وأضاف تشين خلال المحادثات التي جرت في حدائق دياويوتاى القديمة: إن ذلك لا يتماشى مع المصالح الأساسية للشعبين، ولا يلبي التوقعات المشتركة للمجتمع الدولي، وفق المصدر نفسه.
وكان وزير الخارجية تشين غانغ قد أصدر تحذيراً بشأن تايوان التي تعتبرها الصين جزءاً من أراضيها ستسترده وبالقوة إن لزم الأمر، حيث إن قضية تايوان هي في قلب المصالح الجوهرية للصين، وهي أهم قضية في العلاقات الصينية- الأمريكية والتهديد الأبرز لها، بحسب التلفزيون الرسمي.
أفادت الوزيرة الصينية المساعدة في الشؤون الخارجية هوا تشانينغ في تغريدة أنها تأمل أن يساعد اللقاء في إعادة العلاقات الصينية الأمريكية إلى الاتجاه الذي اتفق عليه الرئيسان في بالي، وخاصة بعد تصاعد حدة التوترات بين البلدين إثر مواجهات بين جيشيهما اقتربت من الصدام المباشر.
إن زيارة وزير الخارجية الأمريكي إلى بكين تعني أن الطرفين خرجا بنتائج إيجابية من حالة جسّ النبض الأولية التي جرت في الشهور الأخيرة، مترافقاً مع قناعة متأصّلة لديهما بأن ليس من مصلحتهما إشعال حرب طاحنة، لا عسكرية، ولا حتى باردة، لكن ذلك كله لا يعني أن مساعي الاستقطاب التي يخوضانها، وحالة التوتّر المتزايد التي تظلل علاقاتهما يمكن أن تتبدّد نتيجة هذه الزيارة.
تجدرُ الإشارة إلى زيارة بلينكن تأتي عوضاً عن رحلة أخرى كان مخططاً لها منذ فترة طويلة، ولكنها ألغيت قبل موعدها بوقت قصير في شهر شباط الماضي إثر اندلاع أزمة دبلوماسية، مع اكتشاف ما وصفته واشنطن بأنه بالون تجسس صيني فوق الأراضي الأمريكية. ويعتبر بلينكن أعلى مسؤول أمريكي يزور الصين، منذ تولى الرئيس جو بايدن منصبه، وأول وزير خارجية يقوم بهذه الزيارة منذ سنوات.