لا أسف على هكذا اتحاد
علي اليوسف
كان من اللياقة الدبلوماسية أن يكون قرار عودة سورية محل تقدير من الاتحاد الأوروبي للجامعة العربية كمنظمة رسمية معترف بها في الأمم المتحدة، ولكن بما أن الاتحاد اختار هذا السلوك، فمن المنطقي جداً، حسب البروتوكولات الدبلوماسية، أن تأخذ الجامعة موقفاً رسمياً يعبر عن استقلالية القرار العربي، والإفصاح بأن زمن فرض الاملاءات قد ولى إلى غير رجعة، خاصةً أن الاستقطاب والاصطفاف العالمي بات لمصلحة الشرق، وليس الغرب الذي يعيش أضغاث الأحلام بعد أن تم سحب البساط من تحته، وبات مجرد أدوات وبيادق بيد السيد الأمريكي.
كل هذا الحقد الغربي لا يعني سورية فقط، بل جميع الدول العربية، وهو ما يفتح الباب على تساؤلات كثيرة لعل أهمها: هل يحترم الاتحاد الأوروبي وغيره قرارات الجامعة العربية؟ من الواضح أن السلوك الغربي يدلل على عدم الاحترام، ويدلل على أن هذا الاتحاد لا يريد للجامعة العربية أن تدعم الشعب السوري الذي عاني من إرهاب هذا الاتحاد الأوروبي، ولا يريد النظر إلى المستقبل لإعادة الاستقرار إلى سورية، بل جلّ ما يريده ابقاء الجرح نازفاً في الخاصرة العربية، والابقاء على معاناة الشعب السوري، ومنع أشقائه من الوقوف إلى جانبه بعد تدهور الحالة الاقتصادية والخدمية نتيجة العقوبات الاقتصادية الغربية الظالمة.
منذ بدء الحرب الإرهابية على سورية، كان الاتحاد الأوروبي الشريك الأول في هذه الحرب، ولا يزال حتى الساعة مصّراً على اتباع سياسة المفلسين، وصب الزيت على النار كي لا تنكشف حقيقة أهدافه وسياساته اللاإنسانية واللاأخلاقية تجاه الشعب السوري، على الرغم من انتصار الدولة السورية على أدواتهم جميعاً.
لقد أفشلت سورية أهداف الحرب الإرهابية عليها، وأفشلت محاولات التدخل في شؤونها الداخلية، وإن محاولات النيل من مواقفها لن تنجح أيضاً، لأن سورية بقيادتها وجيشها وشعبها صمدت أمام المرتزقة الإرهابيين، وهي اليوم ماضية في العمل مع الأشقاء العرب والأصدقاء لتعزيز انتصاراتها، وتجاوز تبعات الحصار الاقتصادي عليها.
وليعلم الاتحاد الأوروبي أن أوامره غير مطاعة في المنطقة، ولا وزن لها خارج النطاق الغربي، فالدول العربية أعادت العلاقات الدبلوماسية مع سورية، وتعود السفارات للعمل في العاصمة دمشق، وبدأ الطيران المدني يحلق في سماء المنطقة ايذاناً بكسر الجمود والتقدم نحو عودة الأوضاع إلى ما يجب أن تكون عليه، لأن الاستقرار وتسوية الخلافات البينية، والانتقال من مرحلة الاستنزاف المتبادل، إلى التقارب المباشر، بات حاجة عربية وإقليمية، وهذه الحاجة لن تكون تلبيتها سهلة، إذ سيتعين على الدول العربية مقاومة الضغوط الغربية الرافضة لمسار المصالحات، والمقاربة الجديدة، وهو ما عبّر عنه سليل الاستعمار القديم فبل أيام.