اقتصادصحيفة البعث

إشكالية كبرى..؟!

قسيم دحدل

في وقت وصل المواطن من ذوي الدخل المحدود إلى المشي في الشارع وهو يحكي مع نفسه من تغوّل الارتفاعات المتوالية في الأسعار عامة وأسعار ما تبقى في سلة غذائه اليومي خاصة، ويكاد يفقد عقله وهو يفكر في كيفية ومدى إمكانية أن يحلّ المعادلة المستحيلة ما بين دخله ونفقاته، بعد أن ترديا إلى الحضيض، يطالعنا مدير مؤسسة الدواجن بوصفة “الوعي” الذي ميّز بها السوري لمجرد استطاعته “تأمين” الحصول على البروتين من البيض بدلاً من اللحوم التي عزّ وجودها في كثير من الموائد العائلية!.

لن نأخذ على الرجل ما قال عن “الوعي”، لكن سنطرح منطقية الأسعار، وبالتالي مقدرة العائلة الشرائية على شراء طبق واحد من البيض شهرياً (كمصدر للبروتين..)، حيث يمثل سعر الطبق ثلث راتب موظف عند بدء التعيين، وأقل بقليل من خمس راتب موظف بلغ سقف الراتب. كما سنطرح متسائلين: هل يعني هذا أن على العائلة أن تتناول البيض يومياً، هذا إن استطاعته مالياً؟! وماذا عن الحاجة الجسمانية التي تقتضيها التغذية الصحيحة والصحية؟!.

مدير مؤسسة الدواجن طرح -من حيث يدري أو لا يدري- إشكالية اقتصادية كبرى أعمّ وأشمل، حين قال إن ارتفاع سعر مادة البيض عامل إيجابي بغضّ النظر عن القدرة الشرائية، إذ يجعل هامش الربح البسيط العجلة تدور أكثر، وبالتالي تخفيض الأسعار وزيادة إقبال المربين على الإنتاج.

وهذه الإشكالية الكبرى (ارتفاع الأسعار مقابل اضمحلال القدرة الشرائية، وربط ذلك باستدامة الإنتاج والاستثمار..) لا تنحصر بمادة البيض فقط، بل تشمل كل المنتجات الغذائية وغير الغذائية، حيث حجج ومبررات الزيادات الطردية المتتالية لم تتوقف في التكاليف والأسعار وتأمين مدخلات الإنتاج التي في معظمها مستوردة، أمر أصبح في غاية الخطورة إن لم يتمّ إيجاد الحلول والبدائل لوضع حدّ للمبالغ فيه من تكاليف وأسعار، والعمل على تأمين مستلزمات الإنتاج محلياً، وخاصة في القطاع الزراعي!!.

المشكلة فيما سبق أن الحلول لا تزال غائبة عن الحكومة ووزارتها المعنية بمعالجة الشأن المعيشي، والمشكلة الأخطر أن لا بارقة ضوء تبشّر باللحاق بقطار الأسعار الذي يدهس يومياً الكثيرين.. أما أن يظلّ هذا الحال هكذا فهذا من المحال!!.

Qassim1965@gmail.com