قانون بريطاني لحماية الكيان الإسرائيلي
سمر سامي السمارة
دقت منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان ناقوس الخطر، وذلك احتجاجاً على تقديم البرلمان البريطاني لمشروع قانون يهدف لمنع المجالس المحلية والجامعات في المملكة المتحدة من مقاطعة “إسرائيل” بسبب انتهاكاتها لحقوق الإنسان.
ويهدف مشروع قانون النشاط الاقتصادي للهيئات العامة، الذي قدّمه مايكل جوف، وزير الإسكان والمجتمعات المحلية، إلى منع الهيئات العامة من تبنى نهج خاص بها في العلاقات الدولية، أو التأثر بالرفض لأسباب سياسية أو أخلاقية لسلوك الدول الأجنبية عند اتخاذ بعض القرارات الاقتصادية، مع مراعاة بعض الاستثناءات.
وفي حين أن الاقتراح سيسمح لوزير خارجية المملكة المتحدة، أو وزير مكتب مجلس الوزراء بتحديد أي دولة أو أرض باعتبارها استثناء لا ينطبق عليه هذا القانون، لكن القانون ينصّ بوضوح على أن مثل هذه الاستثناءات لا يمكن أن تشمل القرارات أو الاعتبارات المتصلة تحديداً أو بصفة أساسية بـ”إسرائيل”، أو الأراضي الفلسطينية المحتلة، أو هضبة الجولان المحتلة.
ويشير موقع “ميدل إيست آي” إلى أن مشروع القانون سيعيق عدداً كبيراً من الحملات المعنية بالاتجار غير المشروع بالأسلحة، والعدالة المناخية، وحقوق الإنسان، والقانون الدولي، والتضامن الدولي مع الشعوب المضطهدة التي تناضل من أجل العدالة.
ورداً على مشروع القانون، وقعت عشرات المجموعات بياناً مشتركاً للمعارضة، بما في ذلك الحملة ضد تجارة الأسلحة، وحملة نزع السلاح النووي، واتحاد العمال والنقابات العمالية، ومركز الدعم القانوني الأوروبي، وأصدقاء الأرض، والعدالة الدولية الآن، ومنظمة السلام الأخضر في المملكة المتحدة، والاتحاد الوطني للطلاب، وحملة التضامن مع فلسطين، وتحالف أوقفوا الحرب، والحرب على العوز.
وقد جاء في بيان التحالف: “بصفتنا مجموعة من منظمات المجتمع المدني المكونة من النقابات والجمعيات الخيرية والمنظمات غير الحكومية والدينية والعدالة المناخية وحقوق الإنسان والمنظمات الثقافية وحملات السلام والتضامن، فإننا ندعو إلى حق الهيئات العامة في مقاطعة أو عدم الاستثمار في شركات متورطة في انتهاكات حقوق الإنسان، أو انتهاك حقوق العمال، أو تدمير كوكبنا، أو أي أعمال أخرى ضارة أو غير قانونية، لذلك فإننا نعارض القانون الذي اقترحته الحكومة لمنع الهيئات العامة من اتخاذ مثل هذه الإجراءات”.
وفي إشارة إلى أن مشروع القانون يهدف إلى منع مقاطعة البضائع الإسرائيلية، أضاف البيان: “إننا قلقون من أن هذا المشروع سيمنع الهيئات العامة من اتخاذ قرار بعدم الاستثمار أو الشراء من الشركات المتواطئة في انتهاك لحقوق الشعب الفلسطيني، ونؤكد أنه من حق الهيئات العامة القيام بذلك، وقطع العلاقات مع الشركات المساهمة في انتهاكات حقوق الإنسان، وانتهاكات القانون الدولي في فلسطين المحتلة، وفي أي مكان آخر تحدث فيه مثل هذه الأعمال”.
ويتابع البيان: “من حملات مقاطعة الحافلات ضد سياسة الفصل العنصري، إلى سحب الاستثمارات من شركات الوقود الأحفوري، إلى حظر الأسلحة ضد سياسة الفصل العنصري، والمقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات، التي تمّ تطبيقها عبر التاريخ للضغط الاقتصادي أو الثقافي أو السياسي على نظام أو مؤسّسة أو شركة لإجبارها لتغيير السياسات المسيئة أو التمييزية أو غير القانونية. إذا تمّ إقرار هذا القانون، فسوف يخنق ويعيق عدداً كبيراً من الحملات المعنية بالاتجار غير المشروع بالأسلحة والعدالة المناخية، وحقوق الإنسان، والقانون الدولي، والتضامن الدولي مع الشعوب المضطهدة التي تناضل من أجل العدالة”.
من الواضح، أن القانون المقترح يمثل تهديداً لحرية التعبير، وقدرة الهيئات العامة والمؤسسات الديمقراطية على الإنفاق والاستثمار والتجارة بشكل أخلاقي بما يتماشى مع القانون الدولي وحقوق الإنسان.
وبحسب البيان، أقرّت 35 ولاية على الأقل في الولايات المتحدة قوانين مماثلة، كما فعلت ألمانيا، وتمّ اقتراح تشريع مماثل في العديد من البلدان الأوروبية الأخرى. بشكل عام، استهدفت العديد من هذه القوانين حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات، وفرض العقوبات التي يقودها الفلسطينيون، وتهدف إلى الضغط على “إسرائيل” للالتزام بتعهداتها بموجب القانون الدولي فيما يتعلق بتحقيق العدالة للفلسطينيين.
لذا، تدين قائمة متزايدة من منظمات حقوق الإنسان العالمية في جميع أنحاء العالم السياسات والإجراءات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين باعتبارها فصلاً عنصرياً.
فقد حذّر رئيس البعثة الفلسطينية لدى المملكة المتحدة السفير حسام زملط، من الاقتراح، مؤكداً أنه من خلال تقديم ستار للإفلات من العقاب، فإن مشروع القانون يشجع على المزيد من انتهاكات القانون الدولي، بما في ذلك الاستيلاء على الأراضي بالقوة، ونقل المستوطنين إلى الأراضي المحتلة -وهي جريمة حرب- أو مصادرة الأراضي وهدم المنازل، حيث تخطّط “إسرائيل” لتوسيع المستوطنات في الأراضي المحتلة.
وأضاف زملط: نشعر بقلق عميق من تداعيات أكبر فيما يتعلق بالتزام بريطانيا المفترض بالنظام العالمي القائم على سيادة القانون، فنحن نعتبر التشريع المقترح علامة أخرى على تخلي المملكة المتحدة عن مسؤوليتها التاريخية، ودورها المباشر في محنة الشعب الفلسطيني.
في غضون ذلك، قال مايكل جوف: “إنه ببساطة من الخطأ أن تقوم الهيئات العامة بإهدار وقت وأموال دافعي الضرائب في متابعة أجندتهم الخاصة بالسياسة الخارجية، وأنه يجب أن يكون لدى المملكة المتحدة نهج ثابت للسياسة الخارجية، تضعه حكومة المملكة المتحدة”.
يُذكر أن البرلمان البريطاني قد صوّت في العام الماضي لمصلحة تعديل يحظر على موظفي القطاع العام مقاطعة الاستثمارات الإسرائيلية، وذلك في برامج التقاعد الخاصة بهم.
وأعلنت الحكومة بعدها في خطاب الملكة خلال افتتاح البرلمان، أنها ستقدم مزيداً من مشروعات القوانين من أجل منع الهيئات الحكومية من المشاركة في أنشطة تُقوّض التماسك المجتمعي، بينما طالبت جماعات حقوق الإنسان آنذاك الحكومة بوقف التشريع، مصرحةً بأنه سيمنع الهيئات العامة من فكّ ارتباطها بانتهاكات حقوق الإنسان.
وللإشارة، جاء إدخال هذا الإجراء في المملكة المتحدة في الوقت الذي قتلت فيه القوات الإسرائيلية في هجوم لها على مخيم جنين في الضفة الغربية، ما لا يقلّ عن خمسة فلسطينيين، من بينهم صبي يبلغ من العمر 15 عاماً، كما أصيب العشرات من بينهم مراهق أصيب برصاصة في الرأس!.