ماذا بعد تدهور الأنماط الغذائية!؟
حسن النابلسي
لم يعد أمام المواطن من خيار لتغيير نمط استهلاكه الغذائي سوى الكف عن الطعام والشراب نهائياً!
ففي ظل مسلسل ارتفاع الأسعار غير المنتهي الحلقات لم يتوان المواطن عن تغيير أنماط استهلاكه، والبداية كانت من هجره للحوم الحمراء، سرعان ما تلاها نظيرتها البيضاء، ليقتصر طعامه على الخضار، مع الإشارة هنا إلى اضطراره أيضاً للشراء بالحبة والغرام!
والآن، مع ارتفاع أسعار البيض وزيت الزيتون – إذ ارتفع سعر البيضة إلى 1200 ليرة، وكغ الزيت إلى حوالى 40 ألف ليرة – لم يعد لدى المواطن المتروك لمصيره دون أية مؤازرة حكومية إلا الإمساك عن الطعام والشراب وتناولهما في حدهما الأدنى وعند اللزوم.
نحن هنا أمام مسألتين: الأولى تتمثل بعدم قدرة الجهات المعنية على ضبط الأسعار، ما يعني أن ثمة خللا ما في آلية عملها، ونعتقد أن المعنيين على دراية بهذا الخلل الذي يكمن بعدم نزاهة كثيرين من الكادر التمويني متواطئين مع كبار التجار، ويتحمله بالمحصلة كل من صغار التجار والمستهلك على حد سواء!
ونظن أنه إذا ما أرادت هذه الجهات المعنية الاشتغال على هذا الملف، فإن عليها البدء من بالكبار وليس “التشاطر” على صغار التجار عبر ابتزازهم من خلال التلويح بضبوط ربما لا تسمن وتغني من جوع!
المسألة الثانية هي أن الأسعار قد تكون بالفعل منطقية أو قريبة من المنطق، ولكن عامل التضخم هو من تسبب بتآكل القدرة الشرائية وجعل سلعة بسيطة وأساسية مثل البيض صعبة المنال، وهنا تتحمل الحكومة وفريقها الاقتصادي مسؤولية تدهور الوضع المعيشي، علماً أنها تستدرك هذا الوضع، وتسارع إلى رميه على المواطن من خلال رفع أسعار ما تقدمه من خدمات وسلع مدعومة وغير مدعومة من اتصالات وحوامل طاقة وإسمنت وغيرها!
لعلّ المخرج الوحيد الكفيل بإعادة التوازن إلى معادلة “القدرة الشرائية ومواءمتها مع الأسعار” ولو نسبياً، يبقى بالإنتاج، فهو السبيل الأنجع لتعزيز قوة سعر صرف الليرة، وهنا بيت القصيد، فالفشل بالإنتاج هو ما أوصلنا إلى ما نحن عليه اليوم، والمشكلة تبدأ بعدم تقديم الدعم المطلوب للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، فهي أساس ونواة الإنتاج من جهة، والعامل الأهم لتمكين أغلب الشرائح مالياً من جهة ثانية!