اقتصادصحيفة البعث

“الإعلان” تمرر العامية على حساب الفصحى المفروضة “تمكينياً”.. وتبرر باقتصاد الضرورة..!؟ 

دمشق – علي بلال قاسم

فرضت الظروف الاقتصادية الخانقة نفسها بقوة على خيارات المؤسسات وسبل تنفيذ القوانين، لتصل إلى تكتيك يتطلب حقن بنود الأنظمة والتعليمات بجرعات من المرونة والتبسيط الرامية إلى ضمان الاستمرارية في العمل وتلبية متطلبات السوق والزبون معاً، وفي تجربة المؤسسة العربية للإعلان وتعاطيها مع تطبيقات سياسة تمكين اللغة العربية في القطاع، أكبر مثال على القبول بحالة “مسك العصا من المنتصف”، كوصفة تجذب المعلن من جهة وتبقي فرضية الالتزام بقواعد اللغة الفصيحة كقرار دولة، بمرونة وبساطة بعيدة عن التشدد الذي يطرد الفعاليات ويحرم المؤسسة من وارد كبير ومهم جداً في العمل الاقتصادي والإنتاجي، بالتوازي مع ضرورات الربحية ولو بحدودها التي تراعي الأوضاع الصعبة التي تغلب على القطاع العام والخاص معاً.

في استراتيجية الحكومة المعروفة بهذا الخصوص ثمة بلاغات وتعاميم تنص على ضرورة عدم استخدام الكلمات العامية في الحملات الإعلانية والترويجية أو استخدام الفصحى بأخطاء إملائية وقواعدية، وهذا ما دأبت لجنة تمكين اللغة العربية عليه من خلال تقفيها لأثر أي مخالفة ومتابعتها لحالات اللغط في بعض المفردات.

ومع أن اللغويين “مجمع اللغة العربية” يرون ضرورة الالتزام بالفصحى، لأنها تمثل هوية وطنية وثقافية ودينية، يصر المعلنون على أن اللغة تحكمها طبيعة السوق المستهدفة، دون التقيد بمستوى لغوي محدد، أو لهجة معينة أو لغة ما، وبالتالي لابد – من وجهة نظرهم – الترويج لسلع بكلمات دارجة تتجسد باللهجة العامية، والمهم أن تصل الرسالة للجمهور المستهدف.

هنا يؤكد المهندس المثنى الرحية مدير الاستثمار في المؤسسة العربية للإعلان أن مراعاة اللغة العربية “الفصحى” قائم حسب توجيهات لجنة تمكين اللغة العربية التي لطالما توجه كتب شكر للمؤسسة على حسن التزامها، والمحاولات جهيدة لضبط موضوع الفصحى، إلا أن طبيعة الإعلان وخصوصية المنتج أحياناً يفرضان استخداماً مرناً لكلمة أو كلمتين تتعلقان بشعار السلعة الذي لا يمكن التدخل فيه، وهنا نتغاضى عن الجزئية لتخدم اسم المنتج ووصوله للمستهلك، وكذلك الأمر بالنسبة لـ”اللوغو” وملحقاته الذي نسمح به.

وأضاف الرحية رداً على استفسارات “البعث” أن أي عبارة أخرى لها علاقة بالتوصيف لا نسمح فيها بالكلام العامي في حال كانت العبارة أو الجملة طويلة حتى لا نسئ للغة العربية، إلا في حالات تتعلق بحرف أو اثنين في كلمة أو كلمتين مثل “خليك قدها” أو “صار بدك ياها” وهنا حالات تخدم اسم المنتج ونغض النظر فيها، في وقت نرفض الكثير من النصوص وتلغى العديد من الحملات الدعائية والإعلانية في حال أصر المعلن على إخلاله بالشروط.

ويعلل مدير الاستثمار لجوء المؤسسة إلى هذا الخيار لتغير الظروف والوضع الاقتصادي الضاغط وتراجع منسوب النشاط الإعلاني على عكس الفترات السابقة “قبل الحرب” عندما كنا – أي المؤسسة – نتشدد أكثر بكثير –آنذاك – كانت الإعلانات بزخم كبير، أما اليوم فنحن مضطرون لغض النظر، والتساهل قليلاً دون مخالفة صريحة للأنظمة والتوجيهات، بسبب قلة المعلنين وحاجة المؤسسة لإيرادات، وفي هذا المضمار ندخل مع الوكلاء والمعلنين بنقاشات طويلة ومفاوضات متشعبة محاولين إقناعنا بأن الإعلان ينجح أكثر بالكلام الدارج.

ولفت الرحية إلى أن خصوصية الإعلان التلفزيوني يترك هامشاً للعامية في الحوار والسيناريو الإعلاني وكثيراً ما يكتب الكلام العامي في نهاية الفيلم الدعائي على الشاشة، وكلها عبارات صغيرة مؤلفة من كلمتين أو ثلاثة، وهنا محور الكلام عن غض النظر، أما العبارات الطويلة مرفوضة حتى ولو كان العائد على المؤسسة مغرياً.

وأكد مدير الاستثمار أن استخدام أي لغة أجنبية في الإعلان المحلي مرفوض، واصفاً هذا الطلب “بالفذلكة” التي لا تخدم روح اللغة العربية التي نهتم ونريد، وفي حال تم ذلك نفرض جملة عربية تساوي الأجنبية بالحجم، وكل ذلك بما يخدم اللغة، رغم أن التجاوب مع رغبات المعلنين قد يجلب الكثير من المال والعائدات، وبالتالي لجأنا للحلول المرنة حتى لا يهرب الزبون ونحصل للخزينة، دون تشدد كما كنا سابقاً.