بوليشوك: النووي الروسي في بيلاروس مقابل الأمريكي في أوروبا
موسكو – وكالات
من الطبيعي أن تصرّ موسكو على مقايضة وجود السلاح النووي التكتيكي الروسي على أراضي جمهورية بيلاروس بسحب السلاح النووي الأمريكي من أوروبا، فحلف الناتو والولايات المتحدة الأمريكية مصرّان على تهديد الأمن القومي الروسي عبر نشر بنيتهما العسكرية الثقيلة على حدود روسيا، فضلاً عن استخدام واشنطن قواعدها العسكرية في أوروبا لاحتضان السلاح النووي الأمريكي الذي ينبغي أصلاً إلا ينتقل إلى خارج حدودها ويهدّد أمن الآخرين، لأنه لا يمكن تجزئة مفهوم الأمن.
ومن هذا المنطلق، أكّد دبلوماسي روسي رفيع أنه لا يمكن الحديث عن سحب الأسلحة النووية التكتيكية الروسية من بيلاروس إلا بعد تخلّي واشنطن وحلفائها عن نهجهم المدمّر وسحب الأسلحة النووية الأمريكية من أوروبا.
وقال أليكسي بوليشوك، مدير الدائرة الثانية لبلدان رابطة الدول المستقلة بالخارجية الروسية في تصريحات لوكالة “نوفوستي”: “جاء نشر الأسلحة النووية التكتيكية الروسية على أراضي بيلاروس ردّاً على السياسات النووية الطويلة المدى المزعزعة للاستقرار التي يعتمدها حلف الناتو وواشنطن، والتغيّرات الجوهرية التي حدثت مؤخراً في المجالات الأساسية للأمن الأوروبي”.
وأكّد المسؤول أن هذا قرار “اضطراري” يهدف إلى ضمان أمن دولة الاتحاد بين روسيا وبيلاروس.
وتابع: “لن يصبح سحب الأسلحة النووية التكتيكية الروسية من أراضي بيلاروس ممكناً إلا إذا تخلّت الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي عن مسارهما المدمّر المتمثل في تقويض أمن روسيا وبيلاروس بشكل متعمّد. وهذا يتطلّب سحب كل الأسلحة النووية الأمريكية (من أوروبا) إلى أراضي الولايات المتحدة مع إزالة البنية التحتية لهذه الأسلحة في أوروبا”.
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 25 آذار الماضي: إن روسيا، بناء على طلب الجانب البيلاروسي، ستنشر أسلحة نووية تكتيكية في أراضيها، تماماً كما تفعل الولايات المتحدة منذ فترة طويلة على أراضي حلفائها.
وأكّد الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، في نهاية أيار أن نقل الأسلحة النووية غير الاستراتيجية من روسيا إلى أراضي بيلاروس قد بدأ بالفعل.
وفي سياق آخر، قال بوليشوك: إن نظام كييف يرفض كل أفكار الوساطة المطروحة من مختلف الجهات.
وشدّد الدبلوماسي الروسي، على أن نظام كييف مهووس بمنطق توجيه الإنذارات لروسيا التي يحاول تغليفها بغلاف منمّق تحت اسم “صيغة السلام”.
وأشار إلى أن روسيا تقدّر عالياً، “رغبة الأصدقاء من دول جنوب الكرة الأرضية في تقديم طريقة سياسية ودبلوماسية للخروج من الأزمة الأوكرانية”.
وأضاف: “قامت حوالي 20 دولة ومنظمة، بتقديم مثل هذه المبادرات، بما في ذلك الصين والبرازيل، وبالطبع الدول الإفريقية. كثيرون قدّموا مقترحاتٍ ذات طابع إنساني. ونرى رغبة هذه الدول الصادقة في المساهمة في تحقيق سلام عادل ودائم. تسعدنا رغبة شركائنا في الوصول إلى جوهر المشكلات الحالية، لفهم الأسباب الأساسية التي أدّت إليها. أسباب الأحداث التي قوّضت بنية الأمن الأوروبي والعالمي لسنوات عديدة، وهي تكمن في السلوك غير المسؤول والأناني لدول الناتو وإصرارها على العيش على حساب الآخرين وتعزيز أمنها على حساب أمن الدول الأخرى ذات السيادة، بما في ذلك روسيا”.
وأشار إلى “وجود العديد من البنود العقلانية في مقترحات بلدان الجنوب التي نؤيّدها. وهي تشمل ضرورة الالتزام بالقانون الدولي، ورفض عقلية الحرب الباردة، وعدم جواز العقوبات الأحادية الجانب، وضرورة عدم تجزئة الأمن”.
من جهةٍ أخرى، قال بوليشيوك: “في الوقت الحالي تتم عملية تصديق اتفاق روسي بيلاروسي حول إنشاء وعمل مراكز التدريب القتالي المشترك للعسكريين، ولقد صدق الجانب البيلاروسي عليه”.
ولفت إلى أنه يتم النظر في إنشاء مثل هذه المراكز لجميع أنواع القوات، وسوف تعمل على أساس الوحدات العسكرية في روسيا وبيلاروس، مشيراً إلى أن ذلك يأتي في سياق تنفيذ خطط الفعاليات المشتركة لضمان الأمن العسكري لدولة الاتحاد.
إلى ذلك، حذّر نائب رئيس مجلس الاتحاد الروسي قسطنطين كوساتشيوف من أن الولايات المتحدة قد تتجه نحو التصعيد في النزاع الأوكراني، خلال انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2024.
وردّاً على سؤال عن تأثير الانتخابات الرئاسية الأمريكية في تطوّر الأزمة الأوكرانية قال كوساتشيوف في تصريح صحفي وفقاً لوكالة تاس: “إن الأمريكيين لا يتردّدون في تسخير السياسة الخارجية لخدمة صراعاتهم الحزبية، وإذا احتاج طرف أو آخر إلى زيادة التصعيد على المسار الأوكراني من أجل الحصول على أصوات إضافية في الانتخابات فسيفعل ذلك”.
واعتبر السيناتور أنه طالما الحملة الرئاسية الأمريكية ستبلغ ذروتها عام 2024 فقد “تتحوّل إلى ظرف مؤسف للغاية إن لم يكن قاتلاً”.