مجلة البعث الأسبوعية

“روحة بلا رجعة “!

بشير فرزان

مشهد عودة الناس من أعمالهم يومياً ومسير آلاف العائلات لساعات طويلة بحثاً عن وسائل النقل يثير ألاف التساؤلات عن الجديد في هذا القطاع، وفي الوقت ذاته يستوجب مساءلة وزارة النقل بجريرة خداع المواطن والإساءة له تحت جرم “روحة بلا رجعة”، فغياب الباصات بمختلف أنواعها وحالة الفوضى العارمة في إدارتها ومعاناة الجميع – سواء في الذهاب أو العودة – أذاب ثلج الوعود والتصريحات التي لم يتوقف بثها عبر الماكينات الإعلامية التي سخرت بطريقة استعراضية لتغطية جولات ميدانية يشك بفاعلية نتائجها ومسار تحضيراتها واستعداداتها “الراسبة” في امتحان الواقع .

وما يدعو للأسف أكثر أن وعود وزارة النقل التي رسمت الكثير من آمال وأمنيات الشارع السوري لم تكن سوى مسكنات زادت من أوجاع الشارع في مرحلة تكثر فيها التحديات المعيشية وأيامها الصعبة في مختلف المجالات، وبشكل لم يعد فيها أي تطلع إلى مرحلة جديدة مليئة بالمستجدات المدرجة تحت عنوان “الخلاص”، بل أعادت الحالة التفاؤلية التي حشدت لأجلها كل الإمكانيات والجهود – كما قيل – إلى مربع خيبة الأمل وأنعشت تلك الذاكرة السوداء المتخمة بانتكاسات قطاع النقل الذي لم تستطع الجولات الاستعراضية سواء لوزارة النقل أو لمحافظة دمشق وريف دمشق أن تغير من واقع الحال شيئاً، فالتاريخ الموثق والمكتنز بالأخطاء أدخل حلم المواطن إلى قفص التصريحات المستنسخة والدائرة في فلك التنظير والنجاح المزيف الذي ترسمه الأقلام الخضراء على الورق متجاهلة حقيقة العجز والتقصير وضعف الأداء على مختلف المستويات.

وباستثناء فترة الحرب التي أخرجها المواطن من هذا السجل الأسود رغم كثرة المخالفات التي تمت في كنفها، فإن مشكلات قطاع النقل وغيرها من المشكلات الخدمية المتراكمة في كافة المحافظات كانت وما زالت تدك بقوة حصون الحياة العامة وتنغصها على مدار الساعة، وطبعاً ليس الهدف من طرح هذه القضية تعميم الإحباط واليأس بل على العكس فخصوصية التعاطي تفرض إزاحة الستارة عن عمل هذه الجهات الراسبة دائما في امتحانات خدمة المواطن وهناك الكثير من الدلائل والإثباتات التي تدين فاعليتها وتثبت أنها لم تستطع إخراج نفسها من شرنقة المراوحة في المكان رغم كل الدعم الذي تتلقاه، ولاشك أن مشهد الازدحام الدائم في الشوارع يحمل الكثير من الدلالات الصحيحة عن واقع النقل بصورة عامة!!

ونتمنى أن تكون هناك جهود حقيقة لحل هذه القضية قبل بدء العام الدراسي الجديد وأن يسمح لجميع السيارات بالعمل على كافة الخطوط والدخول إلى مدينة دمشق ومراقبتها من جميع النواحي، وخاصة الشركات الخاصة التي تعمل على هواها وبمزاجية أصحابها وبمساعدة اصحاب القرار كما لابد من زيادة عدد باصات النقل الداخلي بشكل لايؤثر على واقع النقل داخل المدن وتحديد أجور مقبولة لتخفيف فاتورة النقل بدلاً من الضرب على إيقاع الصعوبات لرفع الاجور بشكل مستمر. فهل سيتم تفعيل قرارات المحاسبة لتطال الجميع تحت بند “روحة بلا رجعة “أم أن أحكام البراءة جاهزة ومبرمة بظروف الواقع الصعب؟