البنك العالمي يعلن الحرب على الدول المناوئة لمجتمع “ميم”
هيفاء علي
مجموعة البنك الدولي هي مؤسّسة عالمية تسيطر عليها حكومة الولايات المتحدة، ومن المفترض أن تقرض الأموال بأسعار فائدة منخفضة للبلدان النامية المحتاجة. في العام الماضي، كان منصب رئيسها ديفيد مالباس، المسؤول السابق في وزارة الخزانة الأمريكية موضع جدل، حيث كان يُنظر إليه على أنه غامض بشأن سبب تغيّر المناخ. تنحّى رئيس البنك الدولي في 1 حزيران الماضي، تاركاً المنظمة قبل حوالي عام من نهاية فترة ولايته، حيث أعلن ديفيد مالباس قراره على شبكة التواصل الاجتماعي، دون إعطاء سبب محدّد لرحيله.
وكان قد تمّ اختياره من قبل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وتعرّض لانتقادات باعتباره منكراً لتغيّر المناخ، وقد وبّخه البيت الأبيض في العام الماضي، بعد أن قال إنه لا يعرف ما إذا كان الوقود الأحفوري يسبّب تغيّر المناخ.
بعد تنحيه، تمّ تعيين أجاي بانغا، الرئيس التنفيذي السابق لشركة “ماستركارد”، في 2 حزيران، رئيساً للبنك. وكان بانغا قد عمل مستشاراً خارجياً لإدارة أوباما ولاحقاً لنائبة الرئيس كاميلا هاريس. ولكن في ظلّ رئاسته، غرقت مجموعة البنك الدولي في كآبة، حيث أعلن البنك الدولي عن تعليق القروض الجديدة لأوغندا، بسبب إبرام قانونها الخاص بمكافحة مجتمع “الميم”، والذي أدانته العديد من الدول والأمم المتحدة واعتبرته مخالفاً للقيم. وكان ردّ فعل الدولة الواقعة في شرق إفريقيا بوصف القرار بأنه غير عادل ومنافق. زار فريق من البنك الدولي أوغندا فور سنّ القانون في أيار الفائت، وقرّر أن هناك حاجة إلى خطوات إضافية لضمان تنفيذ المشاريع وفقاً للمعايير البيئية والاجتماعية الخاصة بالبنك.
وجاء في بيان البنك: “لن يتمّ تقديم أي تمويل عام جديد لأوغندا إلى مجلس إدارتنا حتى يتمّ اختبار فعالية الإجراءات الإضافية”، مضيفاً “أن هذه الإجراءات جارية حالياً، وهي موضع نقاش مع سلطات أوغندا، حيث يتعارض قانون مكافحة المثلية الجنسية في أوغندا بشكل أساسي مع قيم مجموعة البنك الدولي”.
في 2 أيار، أقرّ البرلمان قانون مكافحة المثلية الجنسية الأوغندي في قراءته الثالثة بأغلبية 348 صوتاً مقابل 1. وفي 29 أيار، أصبح قانوناً، فيما بدأ أجاي بانغا رئاسته للبنك الدولي في 2 حزيران.
حقيقة، يعارض المجتمع الأوغندي، مثل الكثير من المجتمعات الأخرى حول العالم، التمايز “غير الطبيعي” بين الجنسين، ولكن يبدو أن لدى مجموعة البنك الدولي صفحة قيم، ولكنها مصمّمة على قياس موظفي البنك الدولي وتفاعلهم مع الآخرين.
مهمّة البنك الدولي، بحسب موقعه على شبكة الإنترنت، تتكوّن من هدفين فقط: القضاء على الفقر المدقع عن طريق خفض نسبة سكان العالم الذين يعيشون في فقر مدقع إلى 3٪، وتعزيز الرخاء المشترك عن طريق زيادة دخول 40٪ من السكان الأدنى في كل بلد.
وبحسب مراقبين، ليس من المفترض أن يروّج البنك “لقيم” مثيرة للجدل لا يدعمها سوى عدد قليل من الشركات الغربية بفتور، ويتساءلون هل قروض البنك الدولي للكويت وباكستان وكينيا والفاتيكان ليست مصحوبة بضمانات قيم غامضة؟ وكيف يمكن لهذا أن يساعد البنك الدولي على أداء مهمته الأساسية؟ هذا ينمّ عن تدخل محدّد للغاية من قبل بعض الديمقراطيين الذين قلبوا مهمّة البنك الدولي رأساً على عقب. وكما أوضحت الحكومة الأوغندية، فقد اتهم وزير الخارجية الأوغندي أوكيلو أورييم البنك بالنفاق، قائلاً “إنه يقرض دولاً في الشرق الأوسط وآسيا قوانينها المتعلقة بالمثلية الجنسية هي نفسها أو أشدّ من قوانين بلاده”، مع العلم أن معظم دول الشرق الأوسط، كما الكثير من دول العالم، لا تتسامح مع المثليين جنسياً، وفي الولايات المتحدة الأمريكية نفسها، أصدرت العديد من الولايات قوانين تعارض المثلية الجنسية أو تقيد أنشطتها، فلماذا اختار البنك أوغندا؟!.