دراساتصحيفة البعث

هل سنرى يوماً ما تحركاً حقيقياً بشأن المناخ؟

هناء شروف

في حين كان اهتمام العالم يتركز على حرائق غابات ماوي في هاواي، وهذا صحيح بالنظر إلى ارتفاع عدد القتلى (115 شخصاً ونحو 1000 شخص في عداد المفقودين) وحجم الدمار (خسارة اقتصادية تبلغ نحو 6 مليارات دولار)، فإن الحكومات الكندية واليونانية والإسبانية كانت تكافح أيضاً للسيطرة على حرائق الغابات في أجزاء مختلفة من بلدانها.

تعتبر حرائق الغابات في كندا (نحو 1000 حريق) مدمرة بشكل خاص، حيث أحرقت بالفعل أكثر من 15 مليون هكتار في كيبيك وأونتاريو ومناطق أخرى. وبينما قامت إسبانيا بإجلاء آلاف الأشخاص من جزيرة تيني ريفي لإنقاذهم من غضب الجحيم المستعر، شهدت اليونان سقوط 35 شخصاً ضحايا للحرائق.

إن ارتفاع درجة حرارة الأرض لا يتعلق فقط بموجات الحرارة وذوبان الأنهار الجليدية وجفاف المسطحات المائية، والتي لا ينبغي أن نخطئ في أنها أكثر من مثيرة للقلق، ولكن الاحتباس الحراري أيضاً يؤدي إلى هطول أمطار غزيرة غير منتظمة وغير عادية وفيضانات.

وإذا كانت البلدان المتقدمة واقتصادات الأسواق الناشئة تكافح من أجل التكيّف مع تغيّر المناخ، فلا يمكننا حتى أن نتخيّل كيف ستكون أحوال البلدان الأقل نمواً وبلدان جزر المحيط الهادئ. وتتجلى محنتهم في موجات اللاجئين الذين يشقون طريقهم إلى سواحل أوروبا متحدين التيارات الخطيرة في العبارات والبواخر المتهالكة. هؤلاء الناس الذين يستغلهم المتاجرون بالبشر، لا يفرون من الفقر والحروب في البلدان الأفريقية فحسب، إنهم يحاولون أيضاً الهروب من غضب تغيّر المناخ، إنهم في المقام الأول لاجئو المناخ. ومع ذلك يواصل زعماء العالم وخاصة زعماء العالم المتقدم، التشدق بالكلام بشأن العمل المناخي.

من المتوقع أن يجتمع زعماء العالم في مؤتمر الأمم المتحدة الثامن والعشرين لتغيّر المناخ في دبي في الفترة من 30 تشرين الثاني إلى 12 كانون الأول القادمين، ثم يستأنفون أعمالهم من حيث غادروا في شرم الشيخ في مصر في عام 2022. مرة أخرى كما فعلوا في مؤتمر الأمم المتحدة المعنيّ بتغير المناخ في غلاسكو، اسكتلندا، في عام 2021، أكدوا من جديد على هدف اتفاقية باريس المتمثل في الحدّ من متوسط الزيادة في درجة الحرارة العالمية إلى أقل بكثير من درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الصناعة ومواصلة الجهود للحدّ من ذلك إلى 1.5 درجة مئوية. سيتمّ التعهد بالالتزامات نفسها وسوف يتردد صدى المفاوضات نفسها في مدينة إكسبو دبي، مكان انعقاد المؤتمر، وسترتفع الآمال نفسها ثم تُنسى.

ولو كان زعماء العالم على قدر الجدية التي يتظاهرون بها، لما سمحوا بضخ 1,4 تريليون دولار من الأموال العامة وفقاً للمعهد الدولي للتنمية المستدامة، في الوقود الأحفوري العام الماضي. أو إذا كنت تعتقد أن صندوق النقد الدولي، سمح للوقود الأحفوري بالتمتع بإعانات دعم بقيمة 13 مليون دولار للدقيقة في عام 2022، وهو ما يصل إلى مبلغ فلكي قدره 7 تريليون دولار للعام بأكمله.

ربما تكون الطريقة الأفضل لمكافحة تغيّر المناخ هي تلك التي اختارها ستة أطفال وشباب برتغاليين، حيث حرك الشباب المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ضد 32 دولة أوروبية متهمين قادتها بعدم بذل الجهود الكافية لمكافحة تغيّر المناخ. هذا هو تصميمهم وحجتهم قوية جداً لدرجة أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أحالت الأمر إلى الغرفة الكبرى المكونة من 17 قاضياً. وللعلم أحالت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان 0.03% فقط من القضايا إلى الغرفة الكبرى في تاريخها.

إذا نجح الناشطون الشباب الستة في مجال المناخ، فستكون الدول الأوروبية البالغ عددها 32 دولة ملزمة قانوناً بزيادة تخفيضات الانبعاثات، وكذلك تقليل مساهمتها الإجمالية في تغيّر المناخ بما في ذلك صادراتها وخاصة صادرات الوقود الأحفوري.