مجلة البعث الأسبوعية

انطلاقة متباطئة؟!

بشير فرزان

إدراك الجميع بأن ظروفهم الاقتصادية لن تنقلب بين ليلة وضحاهابات قاعدة للكثير من القناعات الحاضرة في يومياتهم فهم مثلاً على قناعة ومعرفة تامة بأن تحسن واقع الإدارة العامة والخدمات يحتاج إلى عمل جاد وممنهج ولجهود كبيرة هذا عدا عن الفترة الزمنية الطويلة التي تستلزم لبدء ظهور حالة التعافي وطبعاً هذا الفهم والإدراك لايعطلأو يقلل من شرعية مطالبهم في تعجيل الخطوات واستزراع الوعود في ساحات التنفيذ التي باتت خاوية من عمل حقيقي يرفع من مؤشرات الإنتاجية ونسب العمل الفعلي في القطاع الخدمي الذي يعد الأول في سلم اهتمامات الناس والمتشابك بخدماته بتفاعل الأداء الحكومي مع الواقع وقدرته على إحداث التغيير المطلوب .

ومع الانطلاقة المتباطئة في حياة الوحدات الإدارية لابد من تسجيل اعتراض واضح وصريح على نهج إدخال الواقع الخدمي في جميع المحافظات في متاهة المعادلات الرياضية والتكاليف والحصار وربطه دائماً بوقائع الأحداث حتى ولوكان الموضوع يتعلق ببلوعة مطرية أو بطمر حفرة في الشوارع المنهكة من النسيان والإهمال  وبشكل وضع انحراف الاستجابة لمطالب الناس الخدمية أو العجز الدائم في التخفيف بعض الشيء من أعبائهم  في خانة التخلي غير المبرر عن احتضان حقوقهم ويمكن القول: إن تراجع واقع الكثير من الخدمات العامة وتقصير الجهات المختصة في مهامها والاتكاء الممنهج على الظروف الاستثنائية التي شرعنت أخطاء مجالس الوحدات الإدارية وتجاوزاتها  لم يكن  إلا تمرداً  على الأنظمة والقوانين وتصريحاً رسمياً بالقطيعة المرفوضة الآن مع المواطن وخاصة في هذه المرحلة التي يركب فيها الجميع في قوارب النجاة ويتطلعون إلى المستقبل من باب التفاؤل.

وإذا كان هناك من يرى أن سوء الواقع الخدمي في بلدة ما أو في شارع لن يؤثرعلى المواطنين أو على الشريحة الواسعة منهم وأن هناك ماهو أهم من تعبيد شارع أو قمع  مخالفة  فليسمح لنا بالقول :إن تمرير هذا الفكرة  في هذه الظروف إلى ميدان العمل الوظيفي الخدمي يعد انتهاكاً صريحاً لصمود المواطن وصفعة قوية لممانعته ومقاومته للإرهاب فلطالما كان المواطن السوري مبادراً ومتطوعاً في تحمل أعباء هذه المرحلة ومواجهتها في مختلف الظروف وهو على استعداد لدفع كل مايملك في سبيل تطهير البلد من القتلة والمرتزقة وإعادتها إلى حضن الأمان والاستقرار ولكنه يرفض أن تستثمر حياته وأن يستغل واقعه و تجنيد كافة إمكانياته في سراب المصلحة العامة  التي باتت عوراء المفهوم  والأمر المهم الذي يجب التنبيه لتداعياته والتأكيد على عدم تكراره هو مسلسل المبررات والأعذارالتي لجأت إليها الجهات الخدمية وقدمتها على أنها الواقع الذي يقيد عملها ويعيق تنفيذ خططها المتكئة على سلسلة طويلة من الوعود التي  لا تقل في أذاها النفسي والمعنوي عن أضرارها المادية  بكل أصنافها والتي ساهمت  إلى حد كبير في تخريب جسور الثقة بأبوة الدولة التي فرض عليها الواقع الحالي نمطاً وشكلاً من العلاقة مع  أحوال الناس تندرج بنتائجها ومحصلاتها التنفيذية في خانة التعامل مع  الأبناء العاقين .

وبالنتيجة النهائية ..ما يطلبه الناس لايخرج من دائرة المهام الحقيقية للوحدات الإدارية التي نتمنى أن تنهض كوادرها الجديدة بمنظومة عملها وأن ترتقي بدورها لتكسب ثقة المواطن الذي مل الوعود وتكرار التجارب الفاشلة.