الولايات المتحدة “المدمر الرئيسي للكوكب”
سمر سامي السمارة
توصّلت دراسة حديثة صادرة عن مجموعة الحملة الدولية لتغيير النفط، إلى أن الولايات المتحدة تمثّل أكثر من ثلث التوسّع في إنتاج النفط والغاز العالمي المخطّط له بحلول عام 2050، كما أظهرت الدراسة أن الولايات المتحدة الأمريكية تقف وراء ثلث خطط التوسّع العالمية في مجال استخدام الوقود الأحفوري، على الرغم من ادعاءاتها بالقيادة المناخية على المسرح العالمي.
لقد وصفت الدراسة الولايات المتحدة بـ”المدمر الرئيسي للكوكب”، مشيرةً إلى خططها للتوسّع الهائل في إنتاج النفط والغاز على مدى العقدين ونصف العقد المقبلين.
وبحسب بيانات مجموعة الحملة الدولية لتغيير النفط، سيكون التوسّع المخطّط له في إنتاج النفط والغاز أكبر، والمساهم التاريخي في انبعاثات الغازات الدفيئة المسبّبة للاحتباس الحراري مسؤولاً عن ثلث إجمالي التوسع العالمي المخطط له في حقول النفط والغاز حتى عام 2050، حيث تشير الدراسة إلى أن التوسع في الولايات المتحدة مرتبط بالتكسير الهيدروليكي.
كما تظهر الدراسة أن الولايات المتحدة من ضمن 20 دولة أخرى، ستكون مسؤولة عن ما يقرب من 90٪ من التلوث الذي يولد ثاني أكسيد الكربون الناتج عن مشاريع استخراج النفط والغاز الجديدة بين عامي 2023 و2050، مضيفةً أنه في حال تابعت هذه الدول خططها للتوسّع في استخدام الوقود الأحفوري، ستقدّر الانبعاثات الناتجة عن المشاريع بنحو 173 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون إلى الغلاف الجوي، أي ما يعادل الانبعاثات طوال دورة الحياة لأكثر من 1000 محطة لتوليد الطاقة تعمل بالفحم، أو أكثر من ثلاثين عاماً من الانبعاثات السنوية في الولايات المتحدة.
خلال مؤتمر صحفي عُقد مؤخراً، قال رومان إيوالالين، مسؤول السياسة العالمية في منظمة الحملة الدولية لتغيير النفط والمؤلف المشارك للتقرير: “إذا انبعثت هذه الكمية من ثاني أكسيد الكربون إلى الغلاف الجوي، فسنواجه مشكلة خطيرة”.
كما حذّر إيوالالين من أن انبعاثات الغازات الدفيئة الناتجة عن التوسّع في النفط والغاز المخطّط له في العقود الثلاثة المقبلة يمكن أن تدمّر ميزانية الكربون المتضائلة في العالم، وتجعل من “المستحيل رياضياً” الحدّ من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة فهرنهايت بحلول نهاية القرن.
وبحسب الدراسة، ستكون خمس دول غنية وهي الولايات المتحدة وكندا وأستراليا والنرويج والمملكة المتحدة، مسؤولة عما يزيد عن نصف إجمالي التوسّع المخطط له في المشاريع الجديدة من حقول النفط والغاز على مستوى العالم.
وتحمّل الدراسة المسؤولية لإدارة بايدن التي تعهدت “بالقيادة المناخية” في الوقت الذي تسهل فيه التوسع المستمر في إنتاج الوقود الأحفوري في الولايات المتحدة، ففي عام 2023 وحده، أعطت الإدارة الضوء الأخضر لمشروع ويلو النفطي في ألاسكا، ووافقت على العديد من مرافق تصدير الغاز الطبيعي المسال في ألاسكا وعلى طول ساحل الخليج، وأبرمت صفقة بيع ضخمة لتأجير النفط والغاز في خليج المكسيك، وقامت بتسريع خط أنابيب ماونتن فالي، وأشرفت على إضعاف القوانين البيئية الأساسية، بغية المضي قدماً للبنية التحتية للوقود الأحفوري.
جدير بالذكر، أن هذه الدراسة صدرت قبل أيام على قمة “الطموح المناخي” التي عقدها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، والتي سبقتها أكثر من 400 تعبئة في جميع أنحاء العالم تهدف إلى الضغط على زعماء العالم للتخلّص التدريجي من الوقود الأحفوري بشكل عاجل.
قدّم التقرير الذي يحمل اسم “مدمّرو الكواكب” دليلاً واضحاً على خطر التوسع في استخدام الوقود الأحفوري، بينما يضع في الاعتبار الملوثين التاريخيين في العالم، وتحديداً الولايات المتحدة، مؤكداً أنه على النقيض من ذلك، إذا تخلت الدول عن جلب حقول النفط والغاز الجديدة إلى الإنتاج، فإن انخفاض الحقول الحالية يعني أن إنتاج النفط والغاز العالمي سيتباطأ بنحو 2% سنوياً من الآن وحتى عام 2030، و5% سنوياً من 2030 إلى 2050.