الحديقة الأوروبية.. وجوارها “المفترس”!!
تقرير إخباري:
يبدو أن مفوّض السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل مولع بالحديث عن المترادفات، فيما يخص محميات الحيوان حول العالم. ولا شك أنه كان عضواً في فريق أبحاث أوروبي يزور أدغال إفريقيا أو أمريكا اللاتينية لاستكشاف الحياة الطبيعية الموجودة هناك، إذ لا يزال الحديث عن الحيوانات هو الحديث المسيطر على الرجل، على الرغم من أنه يتسنّم الآن منصباً مرموقاً هو وزير خارجية الاتحاد الأوروبي لشؤون السياسة والأمن، فهل تحول الاتحاد الأوروبي إلى “حديقة حيوانات أليفة تحيط بها غابة من الوحوش المفترسة”، على حدّ تعبير بوريل نفسه.
فالاتحاد الأوروبي بعد نحو عام على وصف بوريل له بأنه “حديقة والعالم من حوله غابة”، تحوّل الآن في نظره إلى “حديقة حيوان عاشب وسط الحيوانات المفترسة”، بمعنى أنه مصرّ على إطلاق تصريحاته العنصرية التي كان أطلقها سابقاً.
وقال بوريل في مقابلة مع صحيفة “الغارديان” البريطانية: “نحن حيوانات عاشبة في عالم من الحيوانات آكلة اللحوم.. هذا عالم سياسات القوة، ولكننا ما زلنا نتذكر أنه من خلال التجارة وتعزيز سيادة القانون، يمكننا التأثير في العالم. لا يزال يتعيّن علينا نشر سيادة القانون، ولكننا يجب أن ندرك أيضاً أن هناك بعض القادة الذين يجب التعامل معهم بشكل مختلف”.
ويبدو أن بوريل نسي أو تناسى أن أعضاء أساسيين في هذا الاتحاد كانوا بالفعل “حيواناتٍ مفترسة” قادت الاستعمار الغربي لدول العالم الثالث، وبالتالي لا يصحّ أن يتحدّث عن التجارة وتعزيز سيادة القانون التي تنتهكها الدول الأوروبية على الأقل في التعامل مع المستعمرات القديمة.
وجيّد أن بوريل تنبّه إلى أن أوروبا اضطرّت إلى “الاستيقاظ من غفوتها التي كانت تعيشها تحت المظلة النووية الأمريكية”، بسبب أمر أمريكي بزيادة الإنفاق الدفاعي الذي من ضمنه طبعاً دعم النظام الأوكراني عسكرياً.
وأثار مفوّض الاتحاد الأوروبي مؤخراً انتقاداتٍ حتى في الاتحاد الأوروبي بتصريحاته العلنية، ففي أوائل كانون الأول الماضي، في اجتماع للجنة البرلمان الأوروبي لمكافحة التدخل الأجنبي، قال بوريل: إن صدق الأفارقة المشاركين في المظاهرات الداعمة لروسيا أمر مشكوك فيه. ووفقاً له فإن الأفارقة الذين يدعمون موسكو “لا يعرفون أين تقع دونباس ومن هو الرئيس فلاديمير بوتين”، حيث قال عضو البرلمان الأوروبي الألماني أوزلين ديميريل: إن مثل هذا الموقف “متعجرف” و”لا ينبغي للمرء أن يُفاجأ عندما يصاب الأفارقة بخيبة أمل ويغضبون ويلجؤون إلى روسيا طلباً للمساعدة”.
وفي جميع الأحوال، يمثّل بوريل في تصريحاته النظرة الفوقية المتعجرفة التي تتسم بها دول الاستعمار القديم إلى سائر الشعوب الأخرى، وهي نظرة عنصرية بامتياز، ولكنه في كثير من الأحيان يسيء استخدام المصطلحات التي قد تنقلب عليه.
طلال ياسر الزعبي