شراكة تنهي الاحتكار
علي اليوسف
ما دامت الحرب الإرهابية ومستلزماتها – 2011 – كانت واقعة لا محالة، وما دام المخطط الكبير كان إفشال الدولة السورية، وإسقاطها بطرق غير تقليدية لا يلزم الولايات المتحدة – صاحبة المشروع – بأي تبعات قانونية في الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، كان من المنطق لدى الدولة السورية أن تنحني قليلاً حتى تمر هذه العاصفة خلال سنوات التخريب والإرهاب الممنهج ضد مقومات الحياة، والعقوبات الاقتصادية التي يتحمل الشعب السوري تبعاتها حتى اللحظة.
أما اليوم، وبعد زيارة الرئيس بشار الأسد إلى الصين، بات من الواضح أن مخططات التخريب والتجويع حان وقت انتهائها بتوقيع الشراكة الإستراتيجية السورية – الصينية، ودخول الصين، ذات الثقل الاستراتيجي الدولي، عملياً لفك العقوبات الاقتصادية عن سورية، وما يتبعه تالياً من الناحيتين الدبلوماسية والسياسية – قد تحمل طابع “التحدي” – بأن ثمة دولاً تسعى لكسر حالة “الاحتكار” الذي تفرضه الولايات المتحدة، وأن ثمة مساراً تحاول الصين تفعيله في منطقة الشرق الأوسط مؤداه السعي إلى لعب دور سياسي جديد في المنطقة التي كانت لعقود طويلة “حكراً” على الولايات المتحدة، والإعلان المباشر بأنها ستفّعل دورها السياسي والدبلوماسي في المنطقة كقوة دولية بإمكانها “موازنة”، وفى الوقت نفسه، “مواجهة”، الدور الأمريكي فيها. لذلك إن ما تعنيه رسالة انتقال سورية من مستوى “الدعم الإقليمي” إلى مستوى “الدعم الدولي”، وتوقيع اتفاقية الشراكة الإستراتيجية مع الصين هو دخول الأخيرة المباشر على خط الأزمة، ولعب دور أكثر فعالية على مستوى التسوية السياسية للأزمة التي لازالت وبعد 12 عاماً عصية على الحل.
صحيح أن الزيارة قد تحقق بعض الأهداف في المدى القصير، وتضع أخرى في قائمة الأهداف بعيدة المدى، إلا أن النتيجة الأخيرة لهذه الزيارة تقول بأن العوائق بين دمشق وبكين أزيلت إعلاناً لمرحلة جديدة، عنوانها الاتفاق الاستراتيجي بما يُحقق المصالح المشتركة للبلدين، والعمل على تحييد همجية العقوبات الغربية والأمريكية. وفي العمق هو تأكيد أن الصين قد دخلت فعلياً على خط الأزمة السورية لكسر الطوق الأمريكي، وإرسال رسالة غاية في الأهمية مضمونها أن دمشق اليوم باتت ضمن الاهتمام الصيني، وليس للغرب وواشنطن أي تأثير مُهدد للدولة السورية، سواء سياسياً أو عسكرياً وحتى اقتصادياً، فبنود الاتفاقية الإستراتيجية التي وُقعت بين دمشق وبكين اعتمدت مقاربات جديدة وواضحة، وتحديداً في اعتبار دمشق شريكاً استراتيجياً ينبغي تعزيز واقعه السياسي والاقتصادي، وعدم السماح للولايات المتحدة باستثمار هذا الملف من أجل إطالة أمد الحرب في سورية وعليها، مع التأكيد أيضاً على أن دمشق باتت ضمن منظومة سياسية واقتصادية وحتى عسكرية، ما يعني أن الملف السوري بات قاب قوسين من إغلاقه تمهيداً لإطلاق عملية إعادة الاعمار، وعودة سورية إلى موقعها الإقليمي الفاعل والمؤثر، وبشكل خاص من موقع دخول الصين على خط الأزمة السورية والذي يُشكل دعماً سياسياً قوياً لسورية لجهة تقاطع المصالح بينهما سواء على المستوى السياسي، أو الاقتصادي، وتحديداً الشق المتعلق بمبادرة الحزام والطريق.