الاختراعات السورية إلى التنفيذ عالمياً.. وتكريم ورقي ودعم وتمويل كلامي محلياً!
بشير فرزان
أفكار عديدة تُصنّف في دائرة الاختراع والإبداع تضيع وتذهب أدراج الرياح، كما يُقال، دون أن يلتفت لها أحد أو تُكتب لها الولادة في ميادين التنفيذ، حيث تبقى تنتظر الدعم والاستثمار رغم ما يُحكى عن احتضان ورعاية الكثير منها وتكريم العديد من المخترعين، ورقياً كما حصل ويحصل سنوياً في ختام معرض الباسل للإبداع والاختراع.
ومن المؤسف أنه في جلسة الحوار التي جمعتنا مع بعض المخترعين لم نسمع سوى المعاناة والهموم والمصاعب التي تعترض مسيرتهم الإبداعية، والأمر اللافت للانتباه، والمحزن في الوقت نفسه، هو القصص الإنسانية المؤلمة التي يجسّدها المخترعون، فجهودهم وطاقاتهم وابتكاراتهم ضائعة في مهب الريح تنتظر من يعطيها المكانة العالية التي تستحق ويستثمرها، ويحوّلها إلى إنجازات ترتقي بالوطن والمواطن بدلاً من بقائها براءات اختراع ليس إلا!.
وما يزيد من المعاناة تلك الأرقام المتواضعة التي تخصّصها الجهات المعنية لدعم وتشجيع الاختراعات، حيث يفتقد المخترع للدعم والتمويل الضروريين لتحويل براءة اختراعاته من صفحات الورق إلى ميدان التنفيذ، فعلى سبيل المثال قطع الغيار المصنّعة بأيدي وطنية ستوفر 90% من تكلفة استيرادها في حال تمّ استثمار الكفاءات الوطنية التي بات قسم كبير منها خارج الحدود، حيث تستوقفنا في البرامج التلفزيونية الغربية أخبار مصورة لتكريم المبدعين والمخترعين السوريين، وكثيراً ما نقرأ ونسمع أيضاً بمخترع سوري تحدّى الألمان وتفوق عليهم، وآخر صمّم أصغر قمر صناعي في العالم وآخر يفوز بذهبية في بلاد الغرب عن اختراعه، هذا ما يحمل الكثير من الإجحاف بحق المخترعين في بلدنا، فكم من الاختراعات ضاعت هباء منثوراً في بلدنا وكم من مخترعين لدينا أصيبوا بالإحباط بعد تجاهل الجهات الحكومية والخاصة لإنتاجهم العلمي، ليقف هذا التجاهل عائقاً بينهم وبين متابعة إبداعهم في الوقت الذي تتسارع فيه الشركات العالمية لاستثمار إبداعاتهم.
المخترعون يشكّلون ثروة فكرية معرفية هائلة لا تقدّر بثمن تتسابق الدول على احتضانها وتطويرها والتباهي بها في المؤتمرات والمعارض العلمية الدولية، ولهذا سعى “الغرب” لتصيّدهم وجذبهم إليه والاستفادة من عقولهم وخبراتهم وكفاءاتهم من خلال تقديم العروض المغرية المتتالية، وكل ما من شأنه الإسراع في هجرتهم من بلدهم، وهذا ما تحقق خلال الأزمة التي استثمرت بشكل ناجح لسرقة العقول السورية.. فهل يبقى المخترع السوري الذي رفض الهجرة والإغراءات المالية خارج دائرة الاهتمام والمتابعة؟ وهل يستمر السكوت عن جريمة سرقة العقول السورية تحت عناوين العجز المالي وعدم القدرة على احتضان تلك الابتكارات الوطنية؟!