دراساتصحيفة البعث

بين مجزرة المدفعية ومجزرة الكلية الحربية

هيفاء علي

يوم حزين عشناه نحن السوريين يوم الخميس، 6 تشرين الأول، على وقع خبر مجزرة الكلية الحربية في حمص، التي استهدفها الإرهابيون عبر طائرات مسيرة أثناء حفل تخريج دفعة جديدة من الطلاب الضباط، الذين حضر أهاليهم وأقاربهم لحضور تخرّج أبنائهم.

لقد تسلّلت يد الإرهاب والإجرام إلى هذا المكان، مثلما تسلّلت منذ أكثر من 12 عاماً، وصبّت جام حقدها وإجرامها على الأبرياء من المدنيين والعسكريين، بدعم لا محدود بالمال والسلاح من قبل الغرب الجماعي. وسرعان ما عادت إلى أذهان السوريين مجزرة كلية المدفعية في حلب عام 1979، وراح ضحيتها نحو خمسين من الطلاب الضباط العزل.

هاتان المجزرتان اللتان يفصل بينهما 44 عاماً، نفذتهما المجموعات الإرهابية نفسها، لكن بأسماء مختلفة. وإذا كان مرتكبو مجزرة كلية المدفعية، تمّ التعرف إليهم، وإلى انتماءاتهم، ونالوا العقاب الذي يستحقونه، إلا أن مرتكبي مجزرة الكلية الحربية في حمص، وإن لم تعرف هوياتهم وانتماءاتهم بعد، لكنهم في النهاية يصبّون في المجرى الإرهابي نفسه الذي يستهدف الإنسان وحقه في الحياة، كما يستهدف الدولة السورية بهدف تدمير مقومات وجودها واستقرارها وأمنها ووحدة شعبها.

ومنذ 12 عاماً حاول الإرهابيون يائسين ودون جدوى، تسديد ضربة معنوية للجيش العربي السوري، الذي خاض ولا يزال يخوض حرباً شرسة ضد التنظيمات الإرهابية منذ عام 2011 وضد الإرهاب العالمي، ويواجه مع الشعب السوري أعتى ظروف الحرب والحصار السياسي والاقتصادي. لكنهم لن ينالوا من هذه العزيمة مهما طال الزمن أو قصر، ولن ينالوا من عزيمة السوريين ولا من صبرهم، فهم الذين يتحمّلون كل هذه المعاناة منذ 12 عاماً جراء الحرب العسكرية والاقتصادية، في سبيل الحفاظ على وحدة وسيادة بلدهم.

وعلى الرغم من عدم إعلان أي جهة مسؤوليتها عن المجزرة باستخدام طائرات مسيّرة محملة بالقنابل الموجهة، فإن أصابع الاتهام تتوجّه إلى الفصائل الإرهابية الموجودة في أرياف إدلب، والسؤال الذي يطرح نفسه بعد الهجوم هو من أين انطلقت الطائرات المسيّرة ومن قام بإطلاقها؟ وما الآليات التي استخدمت وطريقة توجيهها بهذا الشكل الدقيق؟ هل انطلقت من منطقة إدلب أم من منطقة البادية؟. لا شكّ هذا يعني أن هناك جهة ما وفرت التقنيات والقدرات اللازمة، التي لا تملكها إلا دول.

ولكن رغم فظاعة ووحشية المجزرة، فإن سورية بجيشها وشعبها وقيادتها ماضية حتى النهاية في مواجهة ومكافحة الإرهاب العالمي الذي تمّ تصديره إليها من كافة أصقاع الأرض بهدف تدمير الدولة وقتل روح الحياة لدى السوريين، وتأليبهم على حكومتهم وقيادتهم، وتطهير الأرض السورية من رجس الإرهاب مهما كان الثمن.