دراساتصحيفة البعث

الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يشكل أزمة جديدة للسياسة الأمريكية

عناية ناصر

مباشرة و بعد الهجوم المفاجئ الذي شنته المقاومة الفلسطينية على الكيان الإسرائيلي في السابع من شهر تشرين الأول الحالي، تعهد الرئيس الأمريكي بأن دعم جو بايدن “قوي للغاية ولا يتزعزع” وأن المساعدة “في طريقها”، إضافة إلى مساعدة إضافية في المستقبل.

أعلنت الولايات المتحدة أنها ستنقل مجموعة حاملة طائرات، وطائرات عسكرية كبادرة دعم قوية. ومع ذلك، فإن ما يجب توقعه هو المزيد من الفوضى من قبل الدائرة السياسية الأمريكية مع استمرار الصراع. وفي هذا الإطار قال نيو شين تشون، الباحث في المعهد الصيني للعلاقات الدولية المعاصرة إن هذا يعد بمثابة رادع أساسي لمحور المقاومة من اتخاذ إجراءات وسط هذه الأزمة. وبحسب لو شيانغ، من مركز أبحاث الدراسات الأمريكية في الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، يبدو أن التركيز الرئيسي للنقاش في الدوائر السياسية الأمريكية فيما يتعلق بالجولة الجديدة من الصراع في قطاع غزة هو ما إذا كان ينبغي ربط التمويل الأوكراني بطلب مساعدة عاجلة “لإسرائيل” كإستراتيجية لتمرير أولويات الإنفاق. وبينما يدرس البيت الأبيض هذه الخطوة، يحذر الجمهوريون في مجلس النواب بشدة منها.

وفيما فيما يتعلق بتقديم المساعدات لـ”إسرائيل”، فإن الفارق بين الطرفين ليس كبيراً مقارنة بتقديم المساعدات لأوكرانيا، حيث شهدت الولايات المتحدة مؤخراً جدلاً ساخناً حول تقديم المساعدات لأوكرانيا. ولأن أغلب الجمهوريين يضغطون من أجل خفض كبير في المساعدات لأوكرانيا، فقد اضطر الكونغرس الأمريكي مؤخراً إلى إلغاء التمويل لأوكرانيا من مشروع قانون الإنفاق العسكري الضخم لتجنب إغلاق الحكومة المحتمل.

إن الربط بين طلبي المساعدة يظهر مرة أخرى أن السياسة الأمريكية ممزقة ويائسة. علاوة على ذلك، استغل سياسيو الحزب الجمهوري فرصة الوضع الحالي في قطاع غزة لمهاجمة الديمقراطيين بقوة، وخاصة إدارة بايدن، وسرعان ما بدأ المرشحون الجمهوريون الذين يريدون الإطاحة بـ بايدن في إلقاء اللوم عليه في الأزمة. ورداً على ذلك، اتهم وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الجمهوريين بـ”استغلال الوضع السياسي” لصالحهم من خلال مهاجمة بايدن.

من الواضح أن اندلاع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يستمر في تغذية الاستقطاب المتزايد بين الحزبين الأمريكيين، حيث تُظهر هذه الجولة الجديدة من الصراع أنه من المستحيل، من أجل السعي إلى تحقيق السلام في الشرق الأوسط، تخطي التوتر بين فلسطين و”إسرائيل”، الذي يشكل قنبلة موقوتة في المنطقة.  وفي سياق سياستها في الشرق الأوسط، كانت إدارة بايدن تضغط بشكل استباقي من أجل  التوصل إلى محاولة انفراج في العلاقات بين السعودية و”إسرائيل ” قبل الانتخابات الرئاسية العام المقبل، بهدف تعزيز أصواته. ولكن الآن، فإن تصعيد الوضع في الشرق الأوسط سوف يعيق بلا شك مثل هذه العملية، مما يجعل خطة بايدن مجرد تفكير رغائبي.

وكما انتقد الكثير من الأمريكيين عجز إدارة بايدن عن إدارة علاقة الولايات المتحدة مع إيران، الأمر الذي أدى إلى تفاقم الصراع بين البلدين، بدلاً من تخفيفه. ويشعر بعض المراقبين بالقلق من أن الصراع سوف يصرف الانتباه عن الحرب في أوكرانيا، حيث تراجع دعم الولايات المتحدة لأوكرانيا بالفعل، مع إرهاق الحرب التي تطارد البلاد. وقد أظهر استطلاع للرأي أجرته رويترز/إبسوس مؤخراً أن الدعم لتزويد أوكرانيا بالأسلحة آخذ في الانخفاض بين الأمريكيين من كلا الحزبين السياسيين، حيث من الصعب على الولايات المتحدة أن “تخوض حرباً على جبهتين” في ظل قدرتها المحدودة على تقديم المساعدات للدول الأجنبية. وإذا خططت الولايات المتحدة للتدخل في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بأي شكل من الأشكال، فقد يكون من الصعب على إدارة بايدن إنهاء الأمور، خاصةً إذا ما استذكرنا كيف انسحبت القوات الأمريكية من أفغانستان بشكل مهين قبل عامين.