“تحقيق معرفة أفضل من الإعلاميين بمفاهيم العمل التأميني” في ورشة العمل بمؤسسة الوحدة
دمشق – رامي سلوم / فاتن شنان
أظهرت ورشة العمل التي نظمتها وزارة الإعلام حول “تحقيق معرفة أفضل من الإعلاميين بمفاهيم العمل التأميني وأساسيته بما يعطي أكبر قيمة مضافة في مقاربتهم لواقع السوق ومشاكله” والتي عقدت في مؤسسة الوحدة اليوم، وجود فجوة بين قطاع التأمين والإعلام من جهة، وقطاع التأمين والمجتمع من جهة أخرى، باعتراف ممثلي مكونات التأمين الذين استضافتهم الورشة.
وعرضت الورشة لمشكلات القطاع في ظل الظروف الاقتصادية المتغيرة، حيث أشار مدير عام المؤسسة السورية للتأمين أحمد ملحم إلى أن قطاع التأمين يتعرض لخسائر مستمرة تحد من قدرته على تقديم خدمات بالجودة المطلوبة غير أنه لا يزال رغم كل ذلك ملبياً للمتطلبات، لافتا إلى أن خسائر التأمين الصحي قد تجاوزت 18 مليار ليرة سورية العام الماضي.
وبين ملحم أنه على الرغم من ارتفاع كافة الأعباء وأقساط التأمين لأكثر من ثلاث مرات، غير أن قيمة التأمين للعاملين في الدولة لم تمس إطلاقا.
ومن جانبه، أضاء مدير عام هيئة الإشراف على التأمين رافد سليم محمد، على واقع الأثر السلبي للحصار الغربي المفروض على سورية في الحد من قدرة شركات ومؤسسات التأمين على أداء دور أكبر في المجتمع، مبينا أن أساس عملية التامين يتمثل في توزيع المخاطر وتجزئتها، وقال إن جهود إطلاق شركات إعادة تأمين محلية، أو حلول أخرى، لا تحقق الغاية المطلوبة بل تبقى في إطار العمل بالممكن، بينما الأساس في واقع إعادة التأمين هو تجزئة التأمين على الاقتصاديات المتنوعة وليس على الشركات في البلد نفسه، لتجزئة الآثار الاقتصادية للأخطار المتنوعة التي قد تتجاوز قدرة شركة التـأمين على تحمل أعبائها.
وأوضح محمد أن التأمين الزراعي لا يزال بحدود تغطية 5 مليون ليرة سورية، وذلك بسبب المخاطر المتنوعة التي تزيد عن طاقة شركة التأمين على تغطيتها، خصوصا أنه تأمين غير ملزم، ما يجعله متاحا لما يعرف بالحالات الأكثر تعرضا أو خطرا، وهو ما يعد مقتلا لشركات التأمين.
ولفت محمد إلى أن “الهيئة” تمكنت عبر الحوار والاتفاق مع شركات التأمين، من تقليص حصر 90% من أموالها في البنوك والعقارات، لاستثمارها في مجالات اقتصادية متنوعة، مبينا أن 70% من أموال هذه الشركات اليوم لا تزال مستثمرة في البنوك والعقار، وتستثمر بقيتها في أنشطة اقتصادية وتنموية، وهو ما يعتبر نجاحا كبيرا في ظل الأخد بعين الاعتبار مخاوف المستثمرين وواقع الأسواق، خصوصا أنها انطلقت من قناعتهم، ومن دون إلزام.
وقدم محمد شرحاً حول الواقع والفرص في ملف التأمين الصحي مشيرا إلى التغيرات النوعية الحاصلة التي ساهمت في استقرار القطاع، وأهمها التعرفة الطبية التأمينية، ما أدى لاستقرار الشبكة الطبية وعدم تحميل المؤمن له فروقات سعرية كما كان سابقاً.
وأشار إلى أنه تم توجيه التأمين الخاص إلى التركيز والمنافسة بناء على الجودة، كمعيار أول، وعدم الاكتفاء بالمنافسة السعرية وتطوير أساليب التواصل مع المواطنين عبر التطبيقات الذكية، مؤكدا على أهمية تطبيق إلزامية التأمين ومنع الانتقائية السلبية التي تشكل عنصرا مدمرا للتأمين، وتخرج عن سياق روحية التأمين.
الدكتور نزار الهيبة الامين العام للاتحاد السوري لشركات التأمين شدد على أهمية محاكاة البيئة وحاجاتها الأساسية لنجاح تسويق التأمين، وطرح ثلاثية غاية في الأهمية يتصدرها الأمن الغذائي وضرورة وجود حلول ميدانية تأمينية تحمي الفلاح والمنتج بالتوازي مع التأمين الصحي والتعليم، داعياً الشركات لطرح منتج تأميني يناسب أكبر شريحة من المجتمع لضمان تسويق التأمين بشكل مضمون، كما قدم مثالا على أنواع تأمينية جديدة كالتأمين على الحياة الذي يرافق الأبناء.
وفي إطار الحديث عن واقع الـتأمين الصحي، ورفض مقدمي الخدمة، من عيادات ومشاف وصيدليات، التعامل مع شركة بعينها بذريعة عدم تسديد مستحقاتها المالية، أكد ممثلو قطاع التأمين أن مقدمي الخدمات ملزمين بقبول جميع الشركات فالعقد يتضمن سبع شركات تأمين، ولا يمكن استثناء أي منها.
واعتبروا إن ادعاءات عدم السداد ذريعة للاحتيال لعدم تقديم الخدمة بأسعار وزارة الصحة، حيث تراقب الهيئة تسديد التزامات الشركات في مدة أقصاها 20 يوما، وهي المهلة التي يجب أن تصل فيها الأموال لمقدم الخدمة وتأكيد استلامها من قبله.
واستفاض الحضور في مناقشة الوعي التأميني في المجتمع، والمشكلات التي تعترض نمو القطاع، وإعادة بناء الثقة، غير أن التشدد قد غلب الحوار في العديد من المفاصل خصوصا مع رغبة شركات التأمين بتقدير أوضاعها وظروف السوق، ودعوة الإعلام للترويج لإيجابياتها، والمطالب المحقة للإعلام في نقل تطلعات المجتمع والحصول على الإجابات، رغم تدحرج بعض الآراء لتناسي أن شركات التأمين هي شركات مالية ربحية وليست مؤسسات دعم اجتماعي.
وتركزت التساؤلات حول ضرورة معالجة كافة الإشكاليات المتعلقة بآلية التأمين سواء لجهة تحسين جودة الخدمات المقدمة طبياً أو صرف التعويضات المالية بالسرعة المناسبة التي تضمن بناء الثقة اللازمة لإقبال الأفراد لامتلاك بوالص تأمين، بالإضافة إلى المجال الاستثماري الخجول لشركات التأمين.
بدورها أكدت مكونات التأمين أهمية التواصل مع الإعلاميين لتقديم المعلومة ونشر الوعي التأميني، وعلى أن الخلاف لا يفسد للود قضية.