قراءة في الإبادة الجماعية وخطة الغزو البري لقطاع غزة
ريا خوري
أعاد تردد حكومة مجرم الحرب بنيامين نتنياهو البدء بالمعركة البرية في قطاع غزة الكثير من التساؤلات حول مدى جاهزية جيش العدوان الصهيوني للاجتياح البري للقطاع، إضافةً إلى طبيعة الأهداف وإمكانية تحقيقها، والتخوّف من التورط بقطاع غزة .
وبحسب تقديرات قادة عسكريين في الولايات المتحدة الأمريكية والدوائر العسكرية الغربية، وبالطبع قيادة أركان جيش العدوان، فإن جيش الاحتلال الصهيوني سيتكبد خسائر فادحة بالضباط والجنود والعتاد، وفقدان أكثر للهيبة الصهيونية أمام العالم الذي بات يستهزئ بالكيان الصهيوني، وقواته العسكرية وأجهزته الأمنية وأذرعه وتشابكاته الاستخباراتية مع عدد كبير من دول العالم.
وليس هذا فقط، بل أصبحت عملية صنع واتخاذ القرار على المستوى السياسي والأمني والعسكري أمام العديد من الاعتبارات بكل ما يتعلَّق بمدى تماسك البنية العسكرية الصهيونية وجاهزية القوات العسكرية النظامية للمعركة البرية على جبهة قطاع غزة .
لقد تداول ( الكابينيت ) الخرائط والمخططات والتي عبرت عن حالة التخبط وفقدان التوازن السياسي والعسكري والعملياتي ، وهو ما يعكس التباين والتناقض بالمواقف بين المستويين السياسي والعسكري إضافةً إلى المستوى الاستخباراتي واللوجستي.
وكان عدد كبير من المحللين العسكريين قد أجمعوا على أن جيش العدوان الصهيوني يريد تدمير البنية التحتية في قطاع غزة، واستنزاف المقاومة حتى تتآكل قدراتها العسكرية الكبيرة وعلى وجه التحديد القدرات الصاروخية، وهي الإجراءات التي من شأنها أن تخفف من وطأة التوغل البري العسكري المحدود على قوات العدوان الصهيوني .
لقد دفع تأجيل الكيان الصهيوني خطته للزحف البري العسكري على قطاع غزة إلى إثارة تساؤلات لدى العديد من الجهات الدولية المتابعة لهذه العملية، عمّا إذا كان قيادة الكيان الصهيوني ينوون تنفيذ خطة عسكرية بديلة – ولو مرحلياً – لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه بالإجماع داخل (الكابينيت الصهيوني) أي”استراتيجية الإبادة”، ثم قياس نتائجها قبل أن تقرر المضي في خطة الزحف البري الواسعة.
الجدير بالذكر أنَّ مسؤولين عسكريين أمريكيين كبار سعوا محاولين إبعاد الكيان عن فكرة الهجوم البري، لكن هذا الموقف غير الواضح دفع البعض للمساعدة على اتخاذ بدائل مختلفة، وتحديداً بسبب الدروس القاسية المستخلصة من حرب العراق، حيث أن عملية الزحف البري لقوات العدو الصهيوني ستلقى نفس المصير.
إنَ حجم الدمار الهائل وعمليات القصف الوحشية التي تم وصفها بأخطر عملية إبادة بشرية في العصر الحديث ضد قطاع غزة وساكنيه، وعملية التطهير العرقي الجاري تنفيذها بدفع السكان المدنيين باتجاه سيناء ، دفع الإدارة الأمريكية بعد أن رفضت وقف إطلاق النار أو القيام بهدن إنسانية محدودة ، للحديث على لسان خارجية الولايات المتحدة الأمريكية أنتوني بيلنكن في طوكيو أن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة، ولإقامة سلام دائم وشامل في المنطقة. وهو نوع من المراجعة والشعور بالعجز والخيبة والخسارات الفادحة نتيجة صمود المقاومة الفلسطينية الأسطوري، وفشل كل المخططات الرامية لتدمير قطاع غزة على رؤوس ساكنيه وحرمانهم من الماء والغذاء والدواء والكهرباء والوقود وكل مقومات الحياة الإنسانية .
في الآونة الأخيرة تداعى عدد كبير من المشتغلين في حقل السياسة والأمن الاستراتيجي لمتابعة سياسات الكيان الصهيوني في الوقت الراهن، فقد قال الكاتب الأمريكي توماس فريدمان: “إن إسرائيل على وشك ارتكاب خطأ مروع، إذا لم ينجح جو بايدن في جعل إسرائيل تفكر ملياً في ما لديها من أفكار وتطلعات. الغزو الشامل لغزة سوف يجلب على أمريكا وإسرائيل معاً، تعقيدات هائلة ، فإسرائيل مندفعة بتهور ودون أيّة حسابات، ومن دون أي التزام واضح منها بالسعي نحو حلّ الدولتين، وتوسيع مستوطناتها في الضفة الغربية على حساب الفلسطينيين، وأنها بذلك ستشعل حريقاً هائلاً” .
وهو ما يحصل بالفعل، إذ تعتبر أكثر من جهة عسكرية في العالم أن الكيان الصهيوني يمزج في هذه المرحلة بين عمليتين خطيرتين بين خطة الزحف البري – بقدر محدود في البداية – وبين إستراتيجية إبادة البشر ، مع حرص شديد على إحاطة طبيعة تلك العمليات بالغموض والسرية التامة، وهو الوصف الذي أطلقه عليها خبراء معهد بروكنجز الأمريكي.