مشاهد الإبادة الجماعية في غزة تعرّي قادة الغرب
تقرير إخباري
لا شكّ أن القادة الغربيين ابتداءً من الرئيس الأمريكي جو بايدن وليس انتهاءً بالفرنسي إيمانويل ماكرون والبريطاني ريشي سوناك والمستشار الألماني أولاف شولتس، في موقف لا يحسدون عليه كثيراً، إذ إن تأييدهم المفتوح للعدوان الصهيوني على غزة وبالتالي سكوتهم عن المجازر والإبادة الجماعية التي يرتكبها الجيش الصهيوني في القطاع المحاصر، يضعهم جميعاً في مواجهة مباشرة مع شعوبهم التي تم إشباعها سلفاً بنظريات حقوق الإنسان والحريّات وغيرها من المصطلحات التي يتم استخدامها من القيادات الغربية ضمن معايير مزدوجة، حيث لا تظهر هذه العناوين إلا في الاستخدام السياسي بوجه الدول التي تعارض الهيمنة الغربية بشكل عام.
وعلى هذا الأساس بدأت في الدول الغربية الأصوات المعارضة لموقف القادة الغربيين ممّا يجري في غزة من دمار وقتل وتهجير وحرب إبادة جماعية ترقى إلى مستوى جرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية، حيث ذكر موقع “أكسيوس” أن مذكرة داخلية معارضة في وزارة الخارجية الأمريكية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID، اتّهمت الرئيس جو بايدن بـ”نشر معلومات مضللة” حول الحرب بين “إسرائيل” والمقاومة الفلسطينية، وأن “إسرائيل” ترتكب جرائم حرب في غزة، وهي تقدّم نظرة نادرة على الانقسامات الأولية داخل إدارة بايدن وتطالب بوقف إطلاق النار في غزة.
وتؤكّد المذكرة أن بايدن يقوم فعلياً بتغطية الجرائم الصهيونية في قطاع غزة من خلال تركيزه على عملية “طوفان الأقصى”، بينما يقوم بالتعتيم على جريمة الإبادة الجماعية والجرائم ضدّ الإنسانية التي ترتكبها “إسرائيل” هناك، مشيرة إلى أن “أعضاء البيت الأبيض ومجلس الأمن القومي، أظهروا تجاهلاً واضحاً لحياة الفلسطينيين، وعدم رغبة موثقة في وقف التصعيد”.
وحاول المتحدث باسم وزارة الخارجية احتواء الموقف من خلال القول: إن الوزارة “تفتخر بوجود إجراء ثابت للموظفين للتعبير عن الخلافات السياسية مباشرة أمام كبار قادة الوزارة دون خوف من الانتقام”.
وأفادت وسائل إعلام أمريكية بأن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن اعترف في رسالة إلى كوادر الوزارة بوجود خلافات بشأن “النزاع” الحالي بين “إسرائيل” والمقاومة الفلسطينية، واعترف بأن “عدداً كبيراً للغاية من المدنيين الفلسطينيين قُتلوا… ويمكن ويجب القيام بأكثر بكثير من أجل التخفيف من معاناتهم”.
منظمة حقوق الإنسان الأمريكية “مركز الحقوق الدستورية” رفعت دعوى قضائية أمام محكمة اتحادية ضد إدارة بايدن، متهمة إياه بالتواطؤ على الإبادة الجماعية لسكان قطاع غزة عبر دعم غير مشروط من الولايات المتحدة، فضلاً عن المساعدة والتحريض.
وفي بادرة غير مسبوقة في التاريخ الحديث للدبلوماسية الفرنسية في العالم العربي، أعرب العديد من السفراء الفرنسيين في الشرق الأوسط عن أسفهم لموقف باريس من “الصراع الإسرائيلي الفلسطيني”، عبر توقيع مذكرة جماعية، أعربوا فيها عن أسفهم للتحوّل المؤيّد لـ”إسرائيل” الذي اتخذه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في عدوانها على غزة، الأمر الذي يكشف عن انقسام داخل الخارجية الفرنسية حول موقف بلادهم ممّا يحدث.
وقد أثار تراجع الرئيس الفرنسي خلال اتصال هاتفي بنظيره الإسرائيلي إسحاق هرتزوغ عن تصريحات أدلى بها خلال مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية يوم الجمعة الماضي، قال فيها: إن القصف الإسرائيلي بات يستهدف المدنيين والنساء والأطفال، ولا مشروعية له، داعياً “إسرائيل” إلى التوقّف عن ذلك، ردودَ فعل غاضبة في الشارع الفرنسي.
ويبدو واضحاً أن القادة الغربيين باتوا يتخبّطون في الحديث عمّا يحدث في غزة من مجازر، وفي الوقت نفسه لا يستطيعون الاعتراف بأنهم طرف أساسي في جرائم الإبادة التي تحدث هناك، بمعنى أنهم أصبحوا هم والحكومة الصهيونية في مركب واحد.
طلال ياسر الزعبي