النفاق الغربي يثير الاشمئزاز
تقرير إخباري
في مشهد مثير للاشمئزاز يحاول القادة الغربيون التملّص من جرائم الإبادة والجرائم ضدّ الإنسانية التي يرتكبها جيش الاحتلال الصهيوني في غزة، من خلال الإيحاء في تصريحاتهم بأنهم يحاولون تقليل الخسائر بين المدنيين، بينما تفضح وكالات الأنباء العالمية نفاق هؤلاء من خلال نشر حقيقة ما يحدث في غزة من استهداف مباشر للمدنيين بعد عجز الجيش الصهيوني عن الانتصار على المقاومين الفلسطينيين على الأرض.
فبعد أن وصلت الصورة واضحةً إلى الشارع الغربي بأن ما يحدث في غزة هو جرائم إبادة يشترك فيها طبعاً كل من دعم قادة الكيان الصهيوني في عدوانهم هذا، من قادة غربيين قدّموا دعماً مفتوحاً له بالمال والسلاح ومنعوا إصدار قرار في مجلس الأمن بوقف إطلاق النار لمنح “إسرائيل” أطول فترة ممكنة لتدمير غزة عن بكرة أبيها فوق رؤوس ساكنيها، وتهجير أهلها في أكبر عملية تهجير قسري يمكن أن يعرفها التاريخ الحديث، بدأ هؤلاء القادة يستشعرون حجم المأزق الذي وضعوا أنفسهم فيه، حيث بدأ الشارع الغربي يتحدّث صراحة عن شراكة حكوماته في كل ما يجري في غزة من جرائم إبادة.
وعلى هذا النحو من القلق، اضطرّ بعض القادة الغربيين إلى إصدار بعض التصريحات والبيانات التي تدعو الكيان الصهيوني إلى اتخاذ “جميع الإجراءات لضمان أمن المدنيين في قطاع غزة، وتسهيل نقل المساعدات الإنسانية إلى هناك”، دون الدعوة طبعاً إلى وقف شامل لإطلاق النار، حيث قال رئيس الحكومة البريطاني ريشي سوناك خلال حفل سنوي في لندن: إن “عدداً كبيراً للغاية من المدنيين يُقتل”، مضيفاً: “إن من الضروري إعلان فترات هدنة إنسانية لنقل المساعدات إلى السكان”، وذلك في مشهد لا يخلو من النفاق والكذب والتضليل للرأي العام في بلاده، حيث لا يزال الأخير يساوي بين آلة الحرب الصهيونية التي ترتكب المجازر، وبين عملية قام بها مقاومون فلسطينيون دفاعاً عن مقدّساتهم وردّاً على الممارسات الصهيونية اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدّساته.
وبدلاً من الحديث عن أصل المشكلة وهو أن هناك شعباً تم اغتصاب أرضه منذ أكثر من 75 عاماً بتغطية واضحة من حكومته “حكومة الانتداب البريطاني”، يحاول سوناك حصر المشكلة فيما جرى يوم السابع من تشرين الأول من ردّ على الجرائم الصهيونية، مدّعياً أن حكومته وفقاً لذلك تتمسّك بالقانون الدولي الإنساني الذي يضمن حماية المدنيين، بينما هي غارقة في تأييد هذا الكيان في كل جرائمه بحق الفلسطينيين منذ ما قبل وعد وزير خارجية بلاده آرثر بلفور المشؤوم في تشرين الثاني عام 1917.
أمّا الرئيس الأميركي جو بايدن، فقد استمرّ في حملة النفاق الغربي هذه، عبر “حثّه” الجيش الإسرائيلي على “حماية” مجمع الشفاء الطبي الأكبر في قطاع غزة، في وقت تستمرّ فيه المعارك العنيفة والقصف حوله، متحدّثاً عن مساعيَ لاستخدام فترة الهدنة الإنسانية لإطلاق سراح المحتجزين، وليس لوقف إطلاق نار شامل يوقف المذبحة الجارية في غزة على مرأى ومسمع العالم أجمع.
وهذا طبعاً ما أكّده مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان بقوله: إن “الولايات المتحدة تواصل جهودها لإنقاذ الرهائن الذين تحتجزهم المقاومة بقطاع غزة”، بينما لا تهمّه كثيراً حياة الشهداء الفلسطينيين الذين تجاوزت أعدادهم الاثني عشر ألفاً، ولا يهمّه أيضاً وضع سكان غزة الذين يعيشون في سجن مفتوح منذ أكثر من 15 عاماً تتحكّم به سلطات الاحتلال الصهيوني من خلال سيطرتها على الماء والكهرباء والاتصالات وحتى المعابر.
سوليفان أعطى ضوءاً أخضر للكيان الصهيوني للاستمرار في مجازره عبر الحديث عن “أهمية الهدنة الإنسانية التكتيكية” في الإفراج عن الأسرى الصهيونيين، في الوقت الذي لا يجد فيه غضاضة في استمرار حرب الإبادة التي تشنّها “إسرائيل” على القطاع، وهذا هو النفاق بعينه.