صحيفة البعثمحليات

على ذمة “العدل”: إصدار الوكالات الإلكتروني أغلق باب التزوير.. وإجراءات جديدة قريباً لوكالات المغتربين

دمشق- ريم ربيع

لم تنتهِ حتى يومنا هذا أزمة تزوير الوكالات التي ظلمت وسلبت آلاف المواطنين أملاكهم، من عقارات وسيارات وأراضٍ تحت عباءة الحرب، وما أنتجته من فوضى وتخريب طال دوائر وقصور العدل، وما فيها من وثائق لمئات آلاف المواطنين، فرغم استدراك وزارة العدل – “المتأخر” بوصف كثيرين – واتخاذها عدة إجراءات ضبطت هذه الظاهرة إلى حدّ كبير عبر الأتمتة في الأرشفة وإصدار الوكالات الجديدة، إلا أن تلك الإجراءات لا تزال محصورة ضمن مدن ومناطق محدّدة، ما يترك منفذاً لعمليات الاحتيال في بقية المناطق، فضلاً عن مصير أصحاب الوكالات المخربة والمحروقة التي كانت في مناطق ساخنة، والذي لا يزال مجهولاً حتى اليوم!.

وليس خافياً أن تزوير وكالات البيع تحول إلى ظاهرة انتشرت كالنار في الهشيم ما بين عامي 2012 – 2018، حيث بدأت نتائجها بالظهور بشكل واضح بعد 2018، وتحرير معظم الأراضي وعودة الأهالي إليها، ولا يمكن إنكار أنها مستمرة لكن ضمن نطاق أضيق، بعد تشديد إجراءات إصدار الوكالات وآلية التحقق منها، فحالات التزوير في دمشق مثلاً باتت شبه معدومة وفقاً لكاتب العدل الأول أحمد طالب، ولاسيما في الدوائر المطبقة للإصدار الإلكتروني، إذ لا يتجاوز التزوير الواحد بالألف إن وجد، دون أن ينكر وجود حالات تزوير في بقية دوائر العدل التي لم تطبق الإصدار الجديد بعد، لكنها بأعداد محدودة جداً، حسب تعبيره.

طالب وفي حديث لـ “البعث” أشار إلى أن الوزارة قامت بعدة إجراءات لتدارك ظاهرة التزوير، لكن هذا لم يلغِ المشكلة بالكامل بعد، فالخطوة الأولى كانت بالأرشفة الإلكترونية لكامل الوكالات في سورية، والتي تمت بين 2014 – 2016، حيث أنجزت الوزارة أرشفة أغلبية الوكالات، وهي مستمرة بأرشفة كل ما يصدر حديثاً، بعدها، بدأ العمل بالإصدار الإلكتروني للوكالات، بحيث يكون لكل وكالة كود رقمي محدد للحدّ من التزوير، كما تطبع الوكالات على ورق أمني خاص ومعالج بطريقة أمنية، فضلاً عن التحقق الرقمي من الهويات الشخصية –التي كانت الأكثر تزويراً في السابق-، موضحاً أن الإصدار طبق في دمشق بخمس دوائر عدل من أصل سبع، وتسع دوائر لريف دمشق، وكذلك في مراكز محافظات حمص وحماة، وقريباً جداً حلب، ليليها بقية المحافظات، فيما يعدّ توفير الكهرباء للمراكز هو العائق الأبرز المؤخر للعملية.

وأوضح طالب أن وزارة العدل وصلت إلى اتفاق مع وزارة النقل والسجل العقاري ومؤسسة الإسكان، أن أية وكالة تبرز أمامهم لعمليات نقل الملكية، لا تعتمد قبل مخاطبة العدل للتأكد من صحة الوكالة، ففي حال المطابقة يعطى كتاب بهذا الأمر، وفي حال كانت غير صحيحة تتخذ الإجراءات القانونية اللازمة، الأمر الذي قد يتسبب بتأخير لبعض الوقت في المعاملات، غير أن طالب اعتبر هذا التأخير ضمانة لحقوق الأفراد وأملاكهم، موضحاً أن أكثر الوكالات التي تعرّضت للتزوير في الحرب هي المتعلقة ببيع العقارات أو السيارات، مشيراً إلى أن دوائر عدل دمشق تصدر نحو 300 وكالة يومياً.

أما ما يتعلق بالوكالات الخارجية، والتي لاقت نصيبها من تزوير، وبيع ملكيات بغير حق، فقد بيّن طالب أنه يرد لدمشق 50-60 وكالة يومياً، بالتنسيق مع وزارة الخارجية والسفارات لضبط الوكالات عبر إدخالها على نظام الإصدار الإلكتروني والأرشفة، كما زوّدت وزارة الخارجية الوكالات بلصاقات ليزرية واحدة في السفارة وأخرى بالوزارة، مما حدّ بشكل كبير من التزوير، مع الإشارة إلى أن مشروع ربط الوكالات ما بين السفارات ووزارة العدل، قطع شوطاً كبيراً، وبفترة قصيرة جداً سيتمّ الربط بالكامل.

ولفت طالب إلى دراسة بين العدل والخارجية تتضمن إلزام المواطن السوري المغترب بتنظيم الوكالة في السفارة حصراً، بدلاً من أن يلجأ لكاتب عدل في الدولة المتواجد بها ويرسل الوكالة لدولة أخرى لتصدق بالسفارة إن لم تتواجد سفارة سورية بدولته، ففي الحالتين تحتاج الوكالة لتصديق من السفارة، لذلك من الأضمن توجه المغترب للسفارة السورية بأقرب دولة، مؤكداً أن التطبيق سيبدأ خلال فترة قريبة جداً.

وكشف كاتب العدل الأول عن بدء العمل بمشروع التوقيع الرقمي للوكالات، لكنه لا يزال في البدايات وقد يتطلب وقتاً للتنفيذ، مشيراً إلى أن وكالات بيع العقارات، وبيع أسهم الشركات وتأسيس الشركات داخل وخارج سورية، وفتح حسابات خارج سورية، كلها تتطلب موافقات أمنية بالنسبة للمواطنين داخل سورية، أما المغتربون فالموافقة لكل ما سبق إضافة لوكالات بيع السيارات.

رغم ذلك، ومع تأكيد جهات عدة على الفارق الذي حققه الإصدار الإلكتروني والأتمتة لجهة موثوقية الوكالات الجديدة، إلا أن أكبر ثغرة تواجهها الملكيات اليوم هي في المناطق المتضررة، التي فقدت أو خربت فيها الوكالات خلال الحرب، فكاتب العدل أوضح أنه لم يصدر جديد بما يتعلق بتلك المناطق، وأن دمشق فقط فقدت 700 ألف وكالة كانت محفوظة في دوما، تعود تواريخها إلى 1936 وصولاً لأعوام الحرب، فيما اعتبرت مصادر عدة أنه من شبه المستحيل معالجة وضع تلك الوكالات، مع فقدان كامل الوثائق الرسمية وحتى النسخ المطابقة التي كانت بحوزة المواطنين، فلا يوجد أي إثبات على الملكية، والمحاكم اليوم تستقبل العديد من الدعاوى المتعلقة بتلك المناطق، منها ما يفلح أصحابها بتقديم وثائق أو صور عنها، ومنها ما فقد أصحابها كل ممتلكاتهم وأوراقهم ضمن تلك المناطق، مما يصعب الحكم بتلك القضايا!!.