دراساتصحيفة البعث

الاقتصاد الأمريكي … لياقة زائفة

هناء شروف

خفضت وكالة “موديز” تقييمها للتوقعات الائتمانية للولايات المتحدة من “مستقر” إلى “سلبي” مشيرة إلى العجز المالي الكبير في البلاد، وانخفاض القدرة على تحمل الديون.

وعلى الرغم من أنها حافظت على تصنيف البلاد ، إلا أنها حذرت في بيانها من أنه في سياق أسعار الفائدة المرتفعة، وبدون تدابير سياسة مالية فعالة لخفض الإنفاق الحكومي أو زيادة الإيرادات، فإن العجز المالي في الولايات المتحدة سيظل كبيراً للغاية، مما يضعف بشكل كبير القدرة على تحمل الديون.

جاءت هذه التوقعات بعد أشهر من سياسة حافة الهاوية السياسية في الكونغرس بين الجمهوريين والديمقراطيين بشأن سقف الديون الأمريكية.

تعد وكالة “موديز” الوكالة الوحيدة من بين وكالات التصنيف الائتماني الثلاث الكبرى التي ما زالت تمنح الولايات المتحدة تصنيف AAA  بينما في المقابل، خفضت وكالة “فيتش” تصنيفها الائتماني للولايات المتحدة من AAA إلى AA+ في شهر آب الماضي،  وخفضت وكالة “ستاندرد آند بورز” تصنيفها في عام 2011 خلال معركة سابقة بشأن حدود الديون بين الطرفين.

أصدر الجمهوريون الذين يسيطرون على مجلس النواب الأمريكي ، وبدافع من خطوة موديز، ما أسمته وسائل الإعلام الأمريكية “إجراء الإنفاق المؤقت” الذي يهدف إلى تجنب إغلاق الحكومة الفيدرالية عندما ينتهي التمويل المؤقت الحالي.

مع ذلك فإن البيئة السياسية المستقطبة في واشنطن، والتي تتميز بالاقتتال الداخلي بين الجمهوريين في مجلس النواب حول الاختيار المثير للجدل لمن يجب أن يكون رئيساً لمجلس النواب، فضلاً عن الصراع الحزبي المتزايد بين الحزبين حول ميزانية إدارة جو بايدن وكيفية إنفاقها، والتي من غير المرجح أن يتم تخفيفها في أي وقت قريب.

كما كان متوقعاً، سعت إدارة بايدن إلى إلقاء المسؤولية على عاتق الجمهوريين، وقالت كارين جان بيير السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض في بيان إن “قرار موديز بتغيير النظرة المستقبلية للولايات المتحدة هو نتيجة أخرى للتطرف والخلل الوظيفي الجمهوري في الكونغرس”.

بينما أشار الجمهوريون إلى الديمقراطيين، حيث وصف رئيس مجلس النواب المعين حديثاً مايك جونسون الأخبار في بيان للمؤسسات الإخبارية بأنها أحدث مثال على فشل أجندة الإنفاق المتهورة للرئيس بايدن والديمقراطيين.

إن استمرار الاستقطاب السياسي داخل الكونغرس الأميركي يزيد من خطر عجز الحكومات المتعاقبة عن التوصل إلى الإجماع على خطة مالية لإبطاء الانحدار في القدرة على تحمل الديون. كما لا يخفي الصراع الدائر بين الحزبين حقيقة مفادها أن الولايات المتحدة تبنت إلى حد كبير سياسة نقدية لا حدود لها لإنقاذ الاقتصاد الأمريكي منذ تفشي جائحة كوفيد 19 من خلال فتح صنبور الدولار، والاستمرار في رفع أسعار الفائدة لمحاربة التضخم، وبذلك تمكنت من جني ثمار التعافي الاقتصادي العالمي من خلال التسبب في سحب رؤوس الأموال على نطاق واسع من بلدان أخرى إلى الولايات المتحدة.

حتى لو اتفق الحزبان على رفع سقف ديون الولايات المتحدة مرة أخرى بعد معركة متأرجحة، فإن اللياقة الزائفة للاقتصاد الأمريكي والخلل في النظام السياسي الأمريكي سيستمران في التعايش طالما أن البلاد لا تزال قادرة على استخدام الدولار لكبح جماح الاقتصاد العالمي.