الرياضات الفردية.. سجل ناصع بالميداليات وأبطالها يبحثون عن الإنصاف!
البعث الأسبوعية-عماد درويش
إن أردنا تقليب صفحات تاريخ رياضتنا بحثاً عن ألقاب أو إنجازات خاصةً في كرة القدم وكرة السلّة اللعبتين المحترفتين لن نجد ما يرضي أو يفرح، لكن إذا ما نظرنا إلى الألعاب الفردية وما حققته لوجدنا أن إنجازاتها تفوق بكثير بقية الألعاب الجماعية، ورغم الإنجازات التي تحققها المنتخبات الوطنية في الألعاب الفردية، عربياً وآسيوياً وأولمبياً إلا أن هذه الألعاب ما تزال تشعر بالظلم الذي يلحق بلاعبيها نتيجة عدم الاهتمام من قبل القيادات الرياضية “المتعاقبة” والذي يليق بحجم تلك الإنجازات، إضافة للمؤسسات والشركات الراعية التي تفضل الهرولة وراء الألعاب الجماعية.
إنجازات مستمرة
وبعيداً عن كرة القدم التي لم تحقق سوى انجازات محددة وهو الفوز بالميدالية الذهبية لدورة المتوسط عام 1987وكاس آسيا للشباب 1994 والمركز الأول لبطولة غرب آسيا عام 2012 وهي غير معترف بها دولياً، أما كرة السلة فلم تحقق أي انجاز ينسب له، وفي الحديث عن الألعاب الفردية يقودنا إلى أن رياضتنا شاركت لأول مرة “بعد استقلالها في أولمبياد لندن عام 1948 لأول مرة، وحصلنا على أول ميدالية لها في الألعاب الأولمبية الصيفية عام 1984 وكانت فضية عن طريق اللاعب جوزيف عطية في رياضة المصارعة، وحققت رياضتنا الميدالية الثانية في الألعاب الأولمبية الصيفية عام 1996 وكانت ذهبية عن طريق اللاعبة غادة شعاع في ألعاب القوى السباعية، كما حققنا الميدالية الثالثة في الألعاب الأولمبية الصيفية عام 2004 ، وأخر إنجاز جاء في الألعاب الأولمبية الصيفية عام 2020 وهي الميدالية البرونزية في رفع الأثقال بوزن 109 كيلو عن طريق الرباع معن أسعد مانحاً رياضتنا أخر الإنجازات الفردية.
أما مجد الدين غزال ففرض نفسه بقوة ضمن قائمة أصحاب الألقاب الفردية، ومن أبرز إنجازاته برونزية بطولة العالم في لندن العام 2017، كما حقق عام 2019، ذهبية الوثب العالي في بطولة آسيا لألعاب القوى، بقفزة لارتفاع 2,31م، ما شكّل أفضل رقم عالمي وآسيوي للعام المذكور، كما نجح في التأهل إلى أولمبياد طوكيو 2020.
أخر انجازات الأبطال بالألعاب الفردية كانت من نصيب بطلنا الذهبي في الشطرنج مازن فندي الذي نال المركز الثالث “مكرر” والرابع بعد كسر التعادل في بطولة العالم المفتوحة للهواة لتصنيف تحت 2000 التي اختتمت مؤخراً في سلطنة عمان.
وكذلك فاز الرباع علي محمد بالميدالية الذهبية وحقق المركز الأول في بطولة العالم لرفع الأثقال للوزن فوق الثقيل فوق 102 كغ لفئة تحت 17عاما، التي استضافتها العاصمة الألبانية تيرانا العام الحالي.
أصحاب الهمم
رياضيو الألعاب الفردية من ذوي الاحتياجات الخاصة كان لهم نصيب أيضاً في الفوز ببعض الميداليات والإنجازات التي سُجّلت في تاريخ الرياضة السورية، ومنهم محمد خالد المحمد الذي أحرز الميدالية الذهبية في بطولة العالم لألعاب القوى للرياضات الخاصة عام 2018 التي أقيمت في مدينة ليون الفرنسية بمسابقة رمي الكرة الحديدية وحطم الرقم العالمي مسجلاً 14.12 متر والرقم السابق 13.79 متر، والانجازات للاعبة فاطمة الحسن في رفع الأثقال التي شاركت في دورة الألعاب البارالمبية في طوكيو 2021 ، وعلاء عبد السلام في رياضة ألعاب القوى ومسابقة رمي الكرة الحديدية، ونورا بدور وغيرهم من الأبطال.
خامات كثيرة
رئيس اتحاد الشطرنج علي عباس أكد أن الألعاب الفردية الوحيدة القادرة على تحقيق إنجازات”، مشيراً لـ “البعث الأسبوعية ” إلى أن ثقافة المجتمع الرياضي هي الألعاب الفردية، والدليل على ذلك أن كل التتويجات السورية فردية ابتداءً من غادة شعاع إلى برونزية الرباع معن أسعد في أولمبياد طوكيو، وغيرها من الألعاب.
واضاف عباس: صراحة لا يوجد شيء اسمه صناعة بطل، فنحن بلد خامات فقط، ننتظر الخامة حتى تأتي لنستثمرها لا أن نستثمر فيها، من دون وجود إمكانية أن يعوض لاعب لاعباً آخر عندما يعتزل، لدينا خامات في حاجة إلى دعم وعناية حتى ولو بجزء يسير مثل كرة القدم والسلة، وعندها سنشاهد منتخبات كاملةً من الألعاب الفردية تتوَّج عالمياً، فالإنجاز الفردي يعود إلى التزام اللاعب وشغفه، بالإضافة إلى دعم عائلته، وأبطال العالم صنعوا من لا شيء إنجازات.
وأشار عباس إلى أن حق الألعاب الفردية مهضوم قليلاً حتى من الناحية الإعلامية، مقابل الرياضات الجماعية التي سيطرت على كل شيء من دون إنجازات.
وأكد عباس أن الهدف والطموح هما من يحركان لاعب الرياضات الفردية ليحقق الإنجاز خاصةً أن هذه الرياضات لا تحظى باهتمام كبير، والأموال تصرف على الرياضات الجماعية وخاصةً كرة القدم والسلة من دون تحقيق أي شيء، والشيء الذي لا يريد أحد الاقتناع به، أنه مهما حققنا من إنجازات في كرة القدم وكرة السلة فإن مستوانا معروف ومحدود، في حين نجد أن الرياضات الفردية قادرة على المنافسة في محفل قاري أوعالمي، أياً كانت الرياضة، إذا توفرت لها الأرضية المناسبة للتفوق.
كلمة أخيرة
لقد نجحت الرياضات الفردية بشكل ما من الغرق المستمر حتى اليوم، وأبحرت بعيداً عن مسار الفشل قليلاً، ورسمت بسمةً على وجوه الرياضيين السوريين المتعبة من ضغوطات الحياة، ومن خلال مراجعة سجل الانتصارات الفردية التي حققتها رياضتنا، كانت هناك انتصارات وميداليات عدة تستحق الإضاءة عليها، فمنذ ولادة الرياضة في سورية، كنا وما زلنا نشاهد التفوق في الألعاب الفردية، وفي الوقت نفسه رياضيو هذه الألعاب مظلومون وهذا ليس كلامنا فقط، وإنما كلام كثيرين من الرياضيين.