مخالفات بنكهة المليارات…!!
علي عبود
يشاهد سكان المناطق الحديثة في عدة محافظات، وخاصة في دمشق وريفها مخالفات فاضحة تكشف استهتار مرتكبيها من المتنفّذين بالأنظمة النافذة من جهة، واستفزازهم للسكان من جهة أخرى، وما يجري في ضاحية الشام الجديدة، التي يترأس مجلس إدارتها محافظ دمشق، مثال صارخ على ما يرتكبه المتنفّذون في أقبية مبانيها وطوابقها الأرضية من مخالفات نكهتها بالمليارات، إن لم يكن بالتواطؤ مع دائرة الخدمات فبتطنيشها وإهمالها في أسوأ الحالات!
والمخالفات ليست جديدة في ضاحية الشام، فقد بدأت تزحف إليها منذ أكثر من عشرين عاماً، ولعلّ سكان الضاحية يتذكرون جيداً دور إدارة التجمع الذي لا يزال مسؤولاً عن مناطق التوسّع والمرافق العامة في قمع المخالفات، ووضع حدّ لأيّ تشويه للطابع العمراني لمشروع أنموذجي ليس في دمشق فقط، وإنما على مستوى سورية أيضاً. فجأة.. تغيّر كلّ شيء عندما أصبحت ضاحية الشام الجديدة من أحياء محافطة دمشق، فسرعان ما انتشرت المخالفات على قدم وساق.. والسؤال: ما الذي تغيّر؟!
ببساطة أصبحت ضاحية الشام تابعة لمحافظة دمشق، وبالتالي أحدثت لها دائرة خدمات، أي بلدية بالمعنى الدارج، وبما أن المخالفات هي من السمات الرئيسية والبارزة في نشاط البلديات، فإن دائرة خدمات ضاحية الشام الجديدة وجدتها فرصة سانحة لتشجيع المخالفات أسوة بزميلاتها في المناطق الأخرى، متناسية أو متجاهلة أن هذه الضاحية لم تعرف أية مخالفات حقيقية على مدى أكثر من عشرين عاماً، أي حتى مطلع القرن الحالي.
اليوم، بالكاد يوجد مبنى في ضاحية الشام، وخاصة في مناطق التوسّع، لم يقم أحد المتنفذين المالكين للطوابق الأرضية بالتلاعب بأساساته لإحداث شقق جديدة، أو لإضافة عدة غرف للشقة، ولتوسيع الحدائق ولإقامة كراجات خاصة على الملكية العامة، مع أسوار عالية، ومصادرة الطريق العام لمنع وقوف السيارات أمام عقاره… إلخ. وقد يقوم المتنفّذ بارتكاب مخالفة واحدة أو أكثر، أو بارتكابها جميعها حسب سطوته وجرأته بتحدي السكان والقوانين! ولا تقلّ قيمة المخالفة الواحدة عن مليار ليرة في سوق العقارات، وبعضها عدة مليارات، لأن أسعار ضاحية الشام الجديدة باتت تضاهي أسعار المناطق الأخرى، ولا تقتصر المخالفات على العقارات السكنية فقط، بل إن معظمها يشمل أيضاً العقارات التجارية!
ومع أن زلزال 6/ 2/ 2023 فرض شروطاً هندسية جديدة لتأمين السلامة العامة، فإنه لم يصدر من محافظ دمشق قرارات تُلزم الدوائر المعنية بتشكيل فرق فنية لتكشف على الأبنية في ضاحية الشام الجديدة، لأن المخالفات التي ارتكبها المتنفذون في الكثير من المباني خطيرة جداً وتهدّد أرواح السكان.. فهل ننتظر وقوع كارثة في أحد المباني كي يصدر المحافظ القرارات السريعة والفورية بإحالة المتورطين إلى القضاء، كما فعل مؤخراً بعد انهيار مبنى في التضامن، أم نتدارك الكارثة قبل فوات الأوان؟.
الخلاصة: إن المخالفات المرتكبة في الأقبية والشقق الأرضية في ضاحية الشام الجديدة نكهتها بالمليارات، وحققت لمتنفّذيها أرباحاً سهلة وسريعة بالتواطؤ أو غضّ نظر دائرة الخدمات، وهم غير آبهين بمخالفتهم للقوانين ولا مكترثين بأرواح الناس!!