أكثر من 4 مليارات ليرة معدات الأمن الصناعي لعمال ورشات الكهرباء في خطة 2024
دمشق- زينب محسن سلوم
تجدّد وزارة الكهرباء بشكل دائم التذكير بموضوع الحرص على سلامة العاملين الميدانيين، سواء في ورشات التوتر العالي أو ضمن مراكز الطوارئ، ولكن لا بدّ من التدقيق في إجراءات الأمن الصناعي وتوخيها خلال نشاطات أولئك العاملين، والتي تصنّف على درجة عالية من الخطورة كونها تحتاج المستلزمات، وكما يقال بالعامية “العدّة ثلثا المصلحة”، وتحتاج أيضاً لآلية تضمن تقيّد العامل مع مديريه والمشرفين عليه بقواعد عالية الدقة، وذلك للحدّ من كمّ الوفيات والإصابات والحروق الناجمة عن هذا النوع من العمل سنوياً، وما تسبّبه من ألم لعائلات أولئك العاملين ونزيف في اليد العاملة عالية التخصّص ضمن هذا القطاع الذي لم يعد يتضمن سوى قلة قليلة من العاملين، وخاصة على خطوط التوتر.
المهندس أحمد النجار، مدير مديرية التشغيل في المؤسّسة العامة لنقل وتوزيع الطاقة الكهربائية أكد في حديثه لـ”البعث” حرص وزارة الكهرباء بصورة دائمة على شراء معدات تضمن الأمان الصناعي للعاملين في ورشات التوتر ومراكز الطوارئ على امتداد القطر، ولكن للأسف فإن تلك المعدات غالية الثمن ولا يمكن تأمينها دفعةً واحدة، كما أن شراءها صعب لعدم توفرها بصناعة وطنية وضمن الأسواق المحلية، حيث يتمّ شراؤها من خلال عقود وقد تتطلّب كل عملية شراء حوالي شهرين وأكثر، وتتألف تلك المعدات من (جهاز كاشف للتوتر المتوسط، بانسات خاصة، معطف وبدلة مطريين، أفرول عمل، قفازات كتان، حزام أمان، جهاز تسلّق أعمدة خشبية، قبعات واقية من الصدمة، حذاء واقٍ من الصدمات والصعق، كرات إطفاء، جهاز مقاومة أرضي)، وهي في غالبيتها موزعة وقيد توريد كميات جديدة منها، إضافة إلى إدخال أمن صناعي من جلد “الأنشير” مقاوم للحريق 100% خاص للعاملين في محطات التحويل، لأن عملية صعق وتفريغ الكهرباء تسبّب حالات حريق، حيث يخفف هذا اللباس حالات وحوادث الحريق بنسبة 70%.
ولفت مدير التشغيل إلى أن توزيع اللباس يتمّ من قبل شركات الكهرباء في المحافظات وفق الأولوية وحجم عمل وتخصّص العامل، مبيناً أنه فيما قبل الأزمة كان اللباس والمعدات توزع لكل عامل، أما الآن فالظروف لا تسمح بذلك نظراً للاعتمادات المالية الضخمة التي تحتاجها تلك العملية، والخطط لتغطية النفقات ومتطلبات جميع الشركات، كما تلجأ المؤسّسة إلى الطلب في بعض الأحيان من الشركات أن تتعاقد وتشتري المعدات بنفسها من ضمن ميزانياتها، ولكن ضمن مبالغ صغيرة لا تتجاوز 25-50% من ميزانياتها، فعلى سبيل المثال هناك في شركة كهرباء ريف دمشق أكثر من 80 مركز طوارئ وبعدد عمال 4-10 وتأمين معدات لهم جميعاً سيكلف مليارات الليرات، كما أشار المهندس النجار في الوقت نفسه إلى أنه تمّ حجز اعتمادات تفوق الـ4 مليارات ليرة لشراء معدات وألبسة الأمان الصناعي للعام القادم، وبشكل يغطي قسماً كبيراً من احتياجات الشركات.
وحول تساؤل “البعث” عن وضع اليد العاملة ومدى جاهزية الورشات، أوضح مدير التشغيل أن نزيف اليد العاملة المتخصّصة ما زال مستمراً ضمن هذا القطاع نتيجة ظروف الأزمة وما تبعها من ظروف اقتصادية، ناهيك عن حالات الحوادث والوفيات، مؤكداً في الوقت نفسه أن جميع الورشات تتابع أعمالها على أكمل وجه، وأن الخبرة الكبيرة التي اكتسبها العاملون ضمن الورشات، إضافةً إلى عملهم بعزيمة عالية لإصلاح الأعطال، ساعدهم في تخطي موضوع النقص وزيادة سرعة الإنجاز، فعلى سبيل المثال أداء عشرة عمال مدربين يفوق أداء مئة عامل غير متمرس بشكل جيد، كما أفاد موضوع الخبرة في تعويض مشكلة النقص الكبير في المعدات والقطع، وأصبح عناصر الورشات يبتدعون طرقاً وتعديلات وقطعاً تتناسب مع عطل التجهيزات من قواطع ومحولات دون الاضطرار لانتظار القطع المفقودة، ما ساهم في إصلاح معظم الأجهزة ضمن الإمكانيات المتاحة، وفق أولوية عدم ترك أي محولة أو خط كهربائي خارج الخدمة، حتى ولو كان ذلك ضمن مناطق ساخنة أو تشهد أي ظروف قاسية من أي نوع.
وعن مشكلات الأعطال بيّن المهندس راتب فارس مدير دائرة الأمن الصناعي في المؤسّسة العامة لنقل وتوليد الطاقة الكهربائية، أنها تكثر ضمن قطاع الطوارئ والمنزلي بسبب كثرة الأعطال الناجمة عن التقنين الجائر وقلّة التوريدات من الفيول والغاز الذي سبّب ضغطاً هائلاً على شبكات الكهرباء يُقدّر بأكثر من 4 أضعاف الضغط الطبيعي، وقلة العمال والمواد اللازمة لإصلاح الأعطال الكثيرة الناجمة عن هذا الضغط ما يسبّب التأخر ليوم أو يومين في إصلاح تلك الأعطال، مؤكداً في الوقت نفسه على السرعة التامة في إصلاح محطات ومراكز التحويل والخطوط.
وفيما يتعلق بحوادث عمال الورشات بيّن المهندس فارس أنها وبنسبة 95% تعود لعدم التزام العاملين بقواعد وإجراءات الأمان الصناعي، وحدوث الأخطاء بسبب الاندفاع والثقة الزائدة خلال العمل، وعدم تطبيق الإجراءات بحذافيرها اختصاراً للوقت والزمن.