مـاذا بَعـــــد ؟..
د. مهدي دخل الله
لم يكن ينقص النار المشتعلة في أوراسيا سوى إشعال نار جديدة في فلسطين ، إضافة إلى استمرار الحالة في سورية وليبيا واليمن والعراق ولبنان . على الرغم من أن الحالة في هذه المناطق جميعها صعبة إلا ان حالة جحيم باربوس لا تنطبق عليها بكل عناصر هذا الجحيم .
صحيح أنه لا طريق إلى الخلف ، وهذا عنصر مهم ، كما أنه لا طريق إلى ما حول ، لكن يوجد طريق إلى الأمام ، وهو طريق يبدو اليوم مخرجاً وحيداً بسبب اشتداد الحالة في المناطق المذكورة جميعاً .
إنها فلسفة لتاريخ ومنطق الحياة . كلما اشتدت الحالة صعوبة اشتدت الحاجة إلى فتح الطريق إلى الأمام . لا خيار آخر البتة ، ولو أن الأمر لم يكن كذلك لانتهت الحالة منذ فترة لصالح العاملين ضد فلسفة التاريخ ومنطق الحياة .
وقد تبدو قضية اشتداد الأزمة كمقدمة لانفراجها قضية ميكانيكية وآلية . ليس الأمر كذلك . العامل المهم هنا هو الإرادة الإنسانية التي هي عنصر بنيوي في منطق الحياة . ولا يقلل من هذه الحقيقة أن بعض الشعوب تستسلم لحالة الجحيم ويندثر استقلالها تحت أقدام مناهضي منطق الحياة . تلك الشعوب هي الاستثناء الذي يؤكد القاعدة . والقاعدة تقول أن الإرادة البشرية هي من يحدد مسار التاريخ . وهذه هي الصفة الأساسية للحياة .
هناك حضارات سادت ثم بادت ، وأمم قادت ثم انقادت . هذه كلها حالات ليس لها تاريخ ، أي أنها لم تترك أثراً في الواقع العالمي . الأثر يبقى لتلك الأمم التي لديها القدرة على البقاء والاستمرار . ليس هذا مجرد نص خطابي وإنما هو شرح لجوهر فلسفة التاريخ ومنطق الحياة .
اليوم تقابل الأمة العربية حالة جحيمية واضحة . لكن القدرة على البقاء جلية في واقعنا المعاش . وهذه القدرة تمثلها المقاومة بكل ما في الكلمة من معنى . هناك مخرج واحد من الجحيم يحوله من حالة باربوس إلى حالة تتماشى مع فلسفة التاريخ . إنها الطريق إلى الأمام ، العنصر المفقود في جحيم باربوس ، لذلك فهو جحيم انهزامي يتناقض مع جوهر التاريخ ..
mahdidakhlala@gmail.com