ثقافة

في موسمها السادس.. أيام الفنّ التشكيلي السوري “هوية وتجديد”

ملده شويكاني

تحت شعار “هوية وتجديد”، افتتحت فعاليات الموسم السادس من أيام الفن التشكيلي الذي تقيمه وزارة الثقافة ـ مديرية الفنون الجميلة – في دار الأوبرا، وذلك بحضور شخصيات دبلوماسية ورسمية وفنية وثقافية إضافة إلى الحضور الجماهيري.

وتأتي أيام الفنّ التشكيلي السوري التي أصبحت تظاهرة ثقافية ضمن المشروع الثقافي الفني الضخم بتشاركية الصالات الخاصة والعامة وكلية الفنون الجميلة واتحاد الفنانين التشكيليين، بهدف الارتقاء وتعزيز الإبداعات والمهارات وتكريم المبدعين الراحلين والأحياء، ويحتفي هذا الموسم بالذكرى المئوية لولادة الفنانين الراحلين الرائدين أدهم إسماعيل ومحمود حماد، الذين ولدا في عام 1923، وجمعتهما الصداقة الوجدانية والفنّ والدراسات البحثية.

وتمتد فعاليات أيام التشكيل حتى نهاية العام على مدى جغرافية سورية، إذ تقام معارض بالصالات الخاصة والعامة، منها صالة مصطفى علي لمجموعة فنانين، وملتقيات، منها ملتقى عمر حمدي للفن التشكيلي في الحسكة، وندوات بحثية في كلية الفنون الجميلة، منها “حول الهوية في الفن التشكيلي السوري”، أما عن الحدث الأبرز فهو افتتاح صالة العرض في المتحف الوطني من جديد لتستضيف المعرض السنوي.

تراث دمشق القديمة

دمشق القديمة مدينة حاضرة في لوحات سوسن الزعبي التي تشارك في المعرض بألوانها المتوهجة وبتقنية الكولاج مختزلة التراث الدمشقي، بالإضافة إلى لوحات المحتفى بهم والمكرمين من الفنانين الراحلين وهم سهيل معتوق ومحمد الوهيبي وأحمد مادون، وفي مجال الغرافيك علي سليم الخالد والنحات جميل قاشا.

من روما إلى إسبانيا

وبدأت الاحتفالية بعرض فيلم مطوّل قدمته وزارة الثقافة عن مراحل حياة المبدعين المحتفى بهما، أدهم إسماعيل( 1923-1963) ومحمود حماد( 1923-1988)  بعنوان “ثنائية الهوية والتجديد” على وقع نغمات العود ومن خلال التعليق الصوتي والصور الفوتغرافية، وقد ركز على السيرة الذاتية لكل منهما وعلى الصداقة الحميمة التي ربطتهما بالحياة والفنّ، وعن إنجازاتهما.

وتوقف عند لقائهما في روما أثناء دراستهما في أكاديمية الفنون الجميلة، ومن ثم الرحلة التي قاما بها من إيطاليا إلى فرنسا إلى إسبانيا واطلاعهما على أعمال عباقرة الفن ومعالم الأماكن الفنية ثم زيارتهما غرناطة والأندلس، والتأثر بالفنّ العربي.

جرائم العدو الصهيوني

وفي كلمتها تحدثت وزيرة الثقافة الدكتورة لبانة مشوّح عن إلغاء مظاهر الاحتفال بأيام الثقافة السورية والفن التشكيلي، احتراماً لشهدائنا وشهداء غزة، منوّهة بالجرائم التي يرتكبها العدو الصهيوني في غزة “ما أصاب أخوتنا في غزة أدمى قلوبنا، وقد فاقت جرائم العدو الصهيوني ووحشيته كل تصوّر وتجاوزت كل حدّ أمام المشاهد المروّعة التي هزت كل ضمير حيّ”، وأضافت أن عجلة الثقافة لا يجوز أن تتوقف عن الدوران “فقدرنا أن نحمل شعلة الحضارة ونبقي عليها متقدة”، مشيرةً إلى أهمية أيام التشكيل بتعزيز مهارات الطلاب بالمعاهد العليا والتقانية وخوضهم مغامرة مواجهة الجمهور.

أمّا عن المكرمين فبيّنت مشوّح: “نفتخر بهم، كلهم سوريون، كل أبدع بمجاله، لكنهم جميعاً يشتركون في قاسم مشترك واحد وهو تمسكهم بالأصالة بالهوية، وانطلاقهم إلى التجديد أيضاً كل منهم بأسلوبه، وبرؤيته وأدواته الفنية”

الموسيقا واللوحة

وكانت الموسيقا حاضرة بتشاركية مع الرسم والألوان، إذ قدم المايسترو عدنان فتح الله مع مجموعة من الموسيقيين مقطوعات من تأليفه استمدها من نتاج المكرمين الراحلين، بعنوان “حكاية لوحة”، وهي من أرشيف أيام التشكيل، فكانت اللوحة الأولى مستمدة من أعمال نصير شورى وتميزت برقة وانسيابية، والثانية من أعمال محمود جلال التي بدأت بنغمات التشيللو الحزينة وضربات التيمباني والطبل الكبير مع دور آلات النفخ الخشبية، ومن ثم مساحة للوتريات، والمتتالية الإيقاعية والقفلة مع النحاسيات، وكانت مقطوعة فاتح المدرس أكثر زخماً موسيقياً وقد تنوعت بانعطافات موسيقية وبتصاعد لحني بدور البيانو والصنجات والإيقاعيات مع الفرقة.

 الجانب الفكري والبصري

وعلى هامش الاحتفالية، تحدثت “البعث” مع الدكتور عبد الناصر ونوس الأستاذ في كلية الفنون الجميلة والمشارك بندوة بحثية، فأوضح: “الجانب الفكري داعم للجانب البصري، وسيكون الحوار بموضوع الهوية قوياً جداً، فسنوات الحرب استهدفتها كما استهدفت المعالم الثقافية، وأن هذه التظاهرة لم تتوقف منذ ستة أعوام ما يشير إلى إصرار وزارة الثقافة والفن التشكيلي والكلية على هذا المشروع الذي تم طرحه بشكل متنوع لإعطاء الجيل الشاب فكرة عن الرواد بأن نرسم ما يشبهنا كسوريين ضمن جغرافيتنا، وقد حمل الفيلم رسالة بالحفاظ على الهوية”.

رسالة من الطلاب

بدوره، أثنى الدكتور سائد سلوم الأستاذ في كلية الفنون الجميلة على هذه الاحتفالية التي تخلق حوارات ثقافية فنية نحتاج إليها، وتحدث عن الكلية لكونها الصرح الأكاديمي الذي يقدم المادة الوثائقية والجمالية بتظاهرة أيام الفن التشكيلي، لكنه في الوقت ذاته تمنى لو أنّ مقتنيات الوزارة أكثر، يقول: “لكن عدد اللوحات المعروضة من مقتنيات وزارة الثقافة قليلة، كنت أتمنى عرض أعمال أكثر، ولاسيما أن الطلاب يتوقون لرؤية هذه الأعمال ويبحثون عنها، وأنا أحمل رسالة الطلاب باقتراح وجود مكان خاص كمتحف لعرض لوحات المكرمين، لنقل الحالة الفنية والثقافية إلى الطلاب وخاصة طلاب الدراسات العليا”.

التشاركية بين الصالات

ميادة كليسني مديرة وصاحبة صالة “مشوار” المشاركة ضمن مشاركة الصالات الخاصة بمعرض فردي للفنان فادي المرابط، تحدثت عن أهمية التشاركية بين الصالات الرسمية والخاصة، وأثنت على هذه التظاهرة متمنية استمرارها.

 أهمية التكريم

المكرمة سوسن الزعبي عبّرت عن سعادتها بالتكريم وأبدت إعجابها بالمقطوعات الموسيقية المستوحاة من اللوحة، كما أشار جميل قاشا إلى أهمية التكريم الذي يأتي بعد جهود مستمرة ومعاناة، فيأتي ليتوج مسيرة الفنان وهذا يحسب لوزارة الثقافة وتشكر عليه.

كذلك الأمر بالنسبة إلى علي سليم الخالد الذي شكر الوزارة على هذا التكريم ووصفه بمبادرة كبيرة وعظيمة على الرغم من الفرح، لكنها لاتنسيهم أخوتنا في غزة الذين يناضلون ويقارعون العدو الصهيوني.

 دورها الإيجابي

وختاماً مع رئيس اتحاد الفنانين التشكيليين في سورية المهندس عرفان أبو الشامات الذي أثنى على التظاهرة التي تقيمها وزارة الثقافة وتستمر فيها، مبيّناً دورها الإيجابي بالفنّ التشكيلي عامة.