ثقافة

الفرقة الوطنية للموسيقا العربية تختتم حفلاتها لهذا العام ببرنامج غنائي منوع من التراث السرياني

صوم صوم “صم الصيام الأربعين واعط خبزك الجائع” كانت ضمن التراتيل الدينية التي غناها الشماس سمير وارطان من حلب باللغة السريانية، وترافقت مع ألحان الموسيقا السريانية التي تعدّ جزءاً من الموسيقا السورية والتي عزفتها الفرقة الوطنية السورية للموسيقا العربية بقيادة المايسترو عدنان فتح الله واختُتمت بها برنامجها لعام 2016، على خشبة مسرح الأوبرا.
تأتي هذه الأمسية ضمن خطة الفرقة بالتعريف بألوان الموسيقا السورية المتنوعة، وقد تميّزت بطابع روحاني خيّم على أجوائها لاسيما أن المقتطفات التي غناها وارطان من مقطوعات دينية كنسية، ترافقت مع آلة الأجراس بشكل خاص، وفي مواضع مع الآلة الإيقاعية المعدنية الفايبروفون، والحضور الأكبر للوتريات، ضمن التوزيع والإعداد الموسيقي لمحمد عثمان.
ومزج فتح الله بين السرياني والتراث السوري بغناء كورال الفرقة –تدريب نزيه أسعد-العمل التراثي الحلبي الشهير فاصل (اسق العطاش) المتميّز بالموال السبعاوي.

أغنيات التوبة والصوم
استُهلت الأمسية بافتتاحية لحنية سريانية من توزيع محمد عثمان.. ومن ثم بدأ وارطان الذي عمل مع الموسيقي نوري اسكندر بمجال الموسيقا السريانية بمقطوعات قوية تظهر قدرته على التعبير في التقرب إلى الله والدعاء بالغفران، كما في قورنيان لوخ “ندعو إليك يارب لتساعدنا”، موريو موران “يا ربنا رب الملائكة”، وبدا الارتباط الواضح بين الناي للعازف-إبراهيم كدر- ومجموعة الوتريات، ليتغير الإيقاع الموسيقي في المجموعة الثانية من المقطوعات المتعلقة بفترة طقسية كنسية وهي فترة الصوم والتوبة، ليأتي عيد الفصح المجيد من خلال شو مع كولو “يا سامع الكل ومستجيب الصلوات” بوضوح حضور آلة الأجراس والإيقاعية المعدنية الفايبروفون مع آلات الفرقة، لتقترب أجواء مقطوعة يوحانون كوروز من نغمات الحزن مع أوتار التشيللو، وفي مقطوعة قاديشات الوهو “قدوس أنت الله” اختلف اللحن وفق الجمل الموسيقية الصغيرة.

عيد الميلاد
بدا إعجاب الجمهور في مقطوعات عيد الميلاد المألوفة من حيث اللحن مثل ماليل ماليل “هللو يا هللويا”، لكن الأجمل كانت المقطوعة الأخيرة طويسون واتيون “تطير وتأتي ثلاث حمامات جميلة” التي جاءت بإيقاع موسيقي متحرك وراقص وجميل وتميزت بضربات التيمباني للعازف علي أحمد الذي عزف في مواضع أخرى على الجمبة لاسيما في القفلة. المقطوعات أوحت بخصوصية الموسيقا السريانية التي تتصف بالجمل الموسيقية القصيرة والمرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالشعر، وأكثرها من مقامات الحجاز والسيكا لاسيما في مقطوعات التوبة، ومن المعروف أنها تتقاطع مع الموسيقا العربية في بعض الأوزان.

مولاي
اقترب القسم الثاني من الأمسية من روح الأمسيات المألوفة التي تقدمها الفرقة من خلال حضور آلات التخت الشرقي- العود والبزق والقانون والناي-كخط لحني مع الإيقاعيات المزاهر والرق والطبلة والوتريات، لتبدو الفرقة بوحدة موسيقية كبرى في العودة إلى التراث بغناء فاصل (اسق العطاش) الشهير-توزيع كمال سكيكر وعصام رافع-الذي غُنى من قبل صباح فخري وعزفته عدة فرق موسيقية، ويعود إلى مئات السنين حيث ألّفه الشيخ محمد المنجبي الحلبي بعد أن اشتد العطش في حلب، وهو طويل جداً يتضمن مجموعة موشحات وقدود باللغة الفصحى لينتهي بإيقاع سريع بمجموعة قدود شعبية وأهازيج، غناه كورال الفرقة بتدريب الموسيقي نزيه أسعد- وأوضح قدرة الكورال على الغناء بتقنية تعددية الأصوات واختلاف الطبقة الصوتية ضمن الإيقاع الموسيقي لمقام الحجاز لنغمة التضرع التي اعتمد عليها موسيقيو التراث، مع الانتقالات البسيطة بين الخانات-كما ذكر أسعد-استُهل بأبيات التضرع والابتهالات إلى الله بغناء فردي للقصيدة المقفاة لمحمود الحداد.
مولاي أجفاني جفاهن الكرى
والشوق لاعجه بقلبي خيما
مع تكرار وارتجالات بمفردة مولاي لتمضي الفواصل بموشحات متتالية كئيب الهوى، ملكتم الفؤاد، هيمتني مع حضور القانون، وهو الموشح الأكثر شهرة وقرباً.

الموال السبعاوي
تخللها الموال السبعاوي “يالائمي بالهوى العذري كفاك شجار” الذي يتميز بقافيتن إذ تنتهي الأبيات الثلاثة الأولى بقافية، تتبعها الأبيات الثلاثة التالية بقافية مختلفة ليعود البيت السابع إلى القافية الأولى بصوت غزوان الزعيم، لينتهي الفاصل بمجموعة قدود شعبية، مثل قدك المياس وسود العيون.. إلى القفلة السريعة  والراقصة في “حالي حالي حال” بتأثير الآلات الإيقاعية.
ملده شويكاني .