دراساتصحيفة البعث

عام التحوّل في الجغرافيا السياسية العالمية

هيفاء علي

لقد أصبحت الأحادية القطبية الأمريكية شيئاً من الماضي، والقوة العظمى الإمبراطورية للدولار الأمريكي آخذة في التلاشي. وعلى الرغم من اغتيال الرئيسين العراقي والليبي اللذين أرادا التعامل بعملة غير الدولار المقدّس، إلا أن الإرادة الدولية تضع الأمور في نصابها الصحيح. فالدولار ينهار، وعندما تنهار “الإمبراطورية”، يمكن أن يعاني الاستقرار والأمن الدوليان من تداعيات خطيرة.  ولكن من حسن الحظ أن التعدّدية القطبية في مجموعة بريكس وشركائها تبدو كأنها تقوم على السلمية والتفاهم الجيد واحترام السيادة والتعاون.

“دعاة الحرب”، الذين يذهبون إلى الحرب، هم أمريكيون قبل كل شيء، ولولا التقدم المستمر الذي أحرزه حلف شمال الأطلسي تجاه روسيا والسياسات الأوكرانية الرامية إلى السيطرة على منطقة دونباس الناطقة بالروسية، لم تكن الحرب الأوكرانية لتحدث. إن روسيا، مثل الصين، لا تسعى إلى الحرب والهيمنة على العالم، وتلجأ هذه القوى إلى الجيش لحماية نفسها وكسب الاحترام، ويمكن لكل من الصين وروسيا التدخل لحماية البلدان المهدّدة بغزو الناتو، حيث تدخلت روسيا في سورية لإنقاذها من المصير الذي لقيته ليبيا الحزينة وكذلك العراق وأفغانستان.

ولو كانت القوى العظمى في مجموعة بريكس متشدّدة، لكانت حرب كبيرة قد اندلعت، لقد فعلت الدولة العميقة كل ما في وسعها لإشعال حرب عالمية ثالثة. في السياق، أشار فلوريان فيليبو، السياسي الفرنسي ومؤسس حزب “وطنيون” إلى أن هذه الخطة المكيافيلية للحرب الكبرى الثالثة قد فشلت مرّتين، الفشل في أوكرانيا والفشل المزدوج في الشرق الأوسط، حيث توقّع الكثيرون أن تدخل إيران والمقاومة اللبنانية في الحرب الدائرة الآن يمكن أن يدمّر العلاقات القوية بين أعضاء بريكس وشركائها، ولكن لم يحدث ذلك، حيث ظلت إيران والمملكة العربية السعودية متحدتين، وظلت مجموعة بريكس قوية وسوف تتوسّع أكثر لتضم أعضاء جدداً في العام الجديد 2024 الذي سيكون عام النادي المتعدّد الأقطاب. لذا، فلا بد من إعادة تعريف المصطلح الرنان “المجتمع الدولي”. ولكي يعكس الوضع الجديد، لا بد من إعادة تنظيم مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وبمساعدة مجموعة بريكس وشركائها، ينبغي أن تكون إفريقيا قادرة على الوصول إلى هذا المجلس المهم الذي يتمتع بسلطة تحديد الحرب أو السلام.

2024 سيكون عام الصحوة الإفريقية

إن عصر الاستغلال الغربي للقارة الإفريقية يجب أن يفسح المجال لعصر جديد من التعاون والتنمية، ولذلك سيكون التقدم الذي تحرزه إفريقيا نقطة يجب التدقيق فيها في العام الجديد خلال النظرة العامة لعام 2024. لقد اتحدت دول بريكس وشركاؤها لإيجاد طريقة لمواجهة المؤسسات المالية الديكتاتورية القوية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، فضلاً عن الرقابة التجارية التي تمارسها منظمة التجارة العالمية، إذ تعمل مجموعة بريكس وشركاؤها على إنشاء اقتصاد دولي ملائم للدول الناشئة، وبالتالي الهروب من القيود الإمبريالية العالمية والليبرالية الجديدة، وسوف تتخلى العديد من الدول الأخرى عن سويفت، تماماً كما كان الحال بالنسبة لإيران وروسيا، إذ تعمل روسيا والصين والهند منذ فترة على إنشاء نظام دفع خاص بها من أجل تحرير نفسها من الدولار والتفوّق الغربي، حيث قامت روسيا بإنشاء بديل لـ”سويفت” على منصة بلوك تشين.

2024 عام الانتخابات الرئاسية الأمريكية

يتوقّع المحللون أنه سيتم انتخاب دونالد ترامب، تماماً كما حدث في عامي 2016-و2020. ويستبعدون أن يكون بوسعهم تكرار عملية التزوير الانتخابي الواسعة النطاق التي جرت في الانتخابات الأخيرة، وانتخاب ترامب مضمون وفق ما أظهرت كل استطلاعات الرأي.

والطريقة الوحيدة التي تستطيع الدولة العميقة من خلالها منع الناخبين الأمريكيين من إعادة انتخاب ترامب هي إزالته من الاقتراع، وحتى الآن، فشلت كولورادو، وستفشل ولاية ماين، وفشلت ميشيغان، وفشلت كاليفورنيا أيضاً. لقد ظهرت الآن الأدلة على فساد بايدن حيث ساعدت ولايته على إصابة جزء كبير من سكان الولايات المتحدة بالخرف نتيجة التضخم المذهل وعودة الحرب، والنفقات المرتبطة بعمليات القتل القذرة هذه تجعل المواطنين يشعرون بالغثيان، وعليه، لا يمكن إنكار نتيجة الانتخابات، ولهذا السبب أيضاً تحاول العشيرة الديمقراطية الفاسدة إخراج المرشح ترامب من صناديق الاقتراع. من الواضح أن الشعب الأمريكي سيصوّت بكثافة لمصلحة ترامب.

انتخاب مايلي

لقد نجحت الإمبريالية العالمية في انتخاب مهرج فظ رئيساً للأرجنتين، هذا المهرج لن يكون هنا العام المقبل، وسوف يغرق الأرجنتين بسرعة في الفوضى والعنف، مايلي هو زيلينسكي أمريكا اللاتينية، رجل أحمق طيّع يخدم مصالح الأوليغارشية المحلية والعالمية.

هناك ايضاً علم الإسكرولوجيا، وهو مصطلح يستخدمه فلوريان فيليبو، الذي أشار إلى أن وسائل الإعلام الرئيسية سوف تركّز على المناخ، فهذه هي الدعاية الحالية لتبرير الأعمال الخضراء وخاصة ضرائب المصاعد، التي لا تصل في النهاية إلى الطابق العلوي. يستخدم المستغلون السياسيون ذريعة المناخ لإفراغ جيوب المواطنين، والأعمال الخضراء هي عملية احتيال فوق عملية احتيال، وخير مثال على ذلك هو السيارات الكهربائية والمحاولة القادمة لحظر مركبات الوقود الأحفوري. ولكن لحسن الحظ، أصبح المزيد من المواطنين على بينة من عملية احتيال السيارات الكهربائية هذه.