كيف تهدد الطاقات المتجددة المياه الجوفية؟
دمشق – زينب محسن سلوم
بيّن معاون وزير الزراعة والإصلاح الزراعي الدكتور فايز المقداد أن انتشار منظومات توليد الطاقة المتجدّدة ساهم كثيراً في تخطي مسألة نقص الوقود والكهرباء، لكننا في الوقت ذاته مطالبون بالمحافظة على مواردنا المائية لأهميتها على صعيد تحقيق الأمن الغذائي والمائي، خاصةً وأن مواردنا المائية محدودة وتعاني العجز، إذ نعاني صعوبات جمّة في توفير الاحتياجات المائية للقطاع الزراعي والتي تقدّر بـ85% من الاحتياج المائي في سورية، لافتاً إلى أن استخدام الطاقة المتجدّدة المجانية لتشغيل الآبار ساهم إلى حدّ كبير في هدر المياه الجوفية من مصادر قد لا تتجدّد، أو يصعب، أو يطول زمن إعادة تجدّدها، لذلك أصدرت الحكومة القرار رقم 36 لعام 2023 للمواءمة بين دعم التحوّل للري عبر الطاقات المتجدّدة والحفاظ على مصادر المياه، ولاسيما الجوفية، وتحديد شروط الاستخدام الأمثل للآبار لتوفير كميات أكبر للمياه للتوسع في الزراعات المروية، وإعطاء إنتاجية أكبر لوحدة المساحة، ورفع كفاءة استخدام المياه من خلال تحقيق زيادة في إنتاج كل متر مكعب من المياه.
ولفت المقداد في تصريح خاص لـ “البعث” إلى أن العجز المائي وصل مرحلة التهديد منذ بداية التسعينيات نتيجة زيادة الاعتماد على الموارد الجوفية بعد انحسار السطحية، كما فاقمت ذلك التغيرات المناخية والجفاف، مؤكداً أن الطاقات المتجدّدة راكمت العجز المائي من خلال زيادة استجرار كميات المياه، فعلى سبيل المثال بعض الأحواض يحتاج وسطياً ثلاث سنوات لتعويض ما تمّ استجراره خلال عام واحد، ما سبّب وضعاً مائياً مقلقاً، خاصةً وأن الحوامل المائية الجوفية في سورية تتصل ببعضها البعض بطريقة أو بأخرى، وجفاف أحدها سيؤثر على مخزونها جميعاً، وبالتالي تتركز الخطط على دعم الري بالطاقات المتجدّدة في المناطق الأقل عجزاً واستنزافاً، فالآبار ليست كافية لكل الزراعات من جهة، وحجم الدعم اللازم غير كافٍ لتحويل جميع الآبار إلى الطاقات المتجدّدة من جهةٍ أخرى.
وحول آلية الحصول على قروض التحول إلى الطاقات المتجدّدة في قطاع الري الزراعي، بيّن معاون الوزير أن الإجراءات بسيطة تركز على الحفاظ على المصادر الجوفية من خلال اشتراط تركيب عداد إلكتروني يبيّن كمية الاستجرار، وموافقة وزارة الموارد المائية، وتركيب منظومة للري الحديث، كونها توفر نصف الاحتياج المائي للري، كما أن التحول إليها في المجال الزراعي إلزامي، وهو مدعوم أيضاً من صندوق دعم التحول إلى الري الحديث بنسبة تصل إلى 50% من سعر منظومة الري، وبكامل الفوائد في حال التقسيط لبقية المبلغ.
ونفى المقداد حصول أي تعقيدات خلال عمليات منح القروض لأن الإجراءات تخلو من أي غموض، بل على العكس تتضمن الآلية جميع التفاصيل وتحديد الأدوار بالنسبة لوزارتي الزراعة والموارد المائية، وصندوق دعم الطاقات المتجددة ومركز بحوث الطاقة، والجهات المقرضة، موضحاً أنه وعلى الرغم من كل التسهيلات والدعم فإن البئر يجب أن يحقق مع الأرض جملة الشروط المحدّدة.
وأضاف: إن وزارة الزراعة تدرس الدورة الزراعية في كل منطقة وما الذي يطبقه الفلاحون منها، كما تقوم بالكشف على الأراضي ومواقع المحاصيل، واحتياجاتها المائية، مؤكداً التعاون والتنسيق التام بين وزارتي الزراعة والموارد المائية، نظراً لترابط المياه والغذاء، وخاصةً في ظلّ ظروف الشح المائي والجفاف، فالتراجع المطري إذا حدث بنسبة 10% فإنه يسبّب تراجعاً في المصادر الجوفية بنسبة 40%، ناهيك عن حرائق الغابات وما تسبّبه من تراجع في التربة والمصادر المائية، وهذا كله يصبّ في خانة تراجع الزراعة لأنه لا زراعة بلا مياه، وبالمقابل فإن أي توسيع للزراعة يقتضي بالضرورة التوسع بالزراعات المروية لزيادة الإنتاج الزراعي، كما أن الخطة الزراعية التي تضعها وزارة الزراعة تعتمد على عدة أمور يأتي في مقدمها الموازنة المائية، حيث يبدأ الموسم الشتوي بما يحمله من هطولات مطرية وتغيرات مناخية متنوعة، وفي الشهر الثالث من كل عام تنسق الزراعة مع الموارد المائية مجدّداً لتحديث معلومات تخزين السدود وحجم المياه المتاحة للزراعات الصيفية، ثم يتمّ تعديل الخطة الزراعية في ضوء تغير المعطيات المائية والموازنة المائية الجديدة.