تحقيقاتصحيفة البعث

تحتاج لتشريعات وقوانين متعلقة بالنقد الإلكتروني.. التجارة الإلكترونية في سورية ما زالت تحبو ..!

باتت التجارة الإلكترونية حلم الكثيرين في سورية، ممن يطمحون للاستفادة من الميزات التي تتمتع بها، لجهة سرعة الوصول إلى الزبون، والتخفيف من الأعباء المالية المترتبة على عمليات التسويق، وتالياً تحقيق الربح وإدارة المشاريع والموارد عن بعد.
لكن هذه التجارة بقيت من دون أي تطوير يذكر، بحسب عدد من الخبراء لجهة افتقارها للبنية التحتية المساعدة على ازدهارها ونموها، وفقاً لما يطمح المتعاملون بها.

حديث الأرقام
يصل حجم مستخدمي الفيسبوك النشيطين شهرياً في سورية حسب موقع Statista حوالي 7 ملايين مستخدم وفق إحصائيات 2021، وتحتل سورية المرتبة 47 عالمياً من حيث عدد المستخدمين، أما بالنسبة لبقية المنصات تشير إلى أن حوالي 75% من سكان سورية يستخدمون تطبيق واتساب.
وبالنسبة لتطبيق يوتيوب: لا توجد بيانات رسمية لكن تقديرات تشير إلى 5-6 ملايين مستخدم شهرياً في سورية، ويوجد حوالي 800 ألف مستخدم نشط شهرياً لتويتر في سورية.
وبالنسبة لـ تيك توك: تزايدت شعبيتها في الآونة الأخيرة ويقدر عدد مستخدميها بحوالي 3 ملايين.
وألزم نظام التسويق الإلكتروني الصادر عن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، المواقع والصفحات والمجموعات الإلكترونية، التي تقوم بأنشطة تسويقية وإعلانية بامتلاك سجل تجاري، بهدف تنظيم عمليات الشراء والبيع والتجارة التي تتم بالوسائل الإلكترونية، من أجل حماية العملاء الذين يتعاملون مع هذه الصفحات، وفي نفس الوقت ينظمون أعمالهم التجارية.
ونصت المادة 38 من قانون التجارة على أن أي تاجر، أو شخص مكلف بإدارة شركة، لا يذكر ما يجب ذكره في المراسلات والفواتير والمستندات الأخرى الصادرة عن متجره يعاقب بغرامات مادية.

الأضرار على المستهلك
في حين أشارت المادة 12 من اللائحة التنظيمية للضوابط والنواظم الخاصة بحماية المستهلك الالكتروني والتسويق الالكتروني، الصادرة بالقرار رقم 479 عن وزير التجارة وحماية المستهلك في 17 شباط 2019 عند وقوع أضرار شخصية على المستهلك، نتيجة شراء منتج أو تلقي خدمة، عن طريق إحدى الوسائل الالكترونية، يتم معالجة الموضوع بالاتفاق بين مسبب الضرر والمستهلك بشكل ودي، وفق إحدى الحالات التالية: إما بالتعويض على المستهلك، أو إعادة قيمة السلعة أو الخدمة المقدمة التي تم استيفاءها من المستهلك، أو فرق القيمة في حالة التراضي، أو من خلال استبدال السلعة أو إعادة تقديم الخدمة.
وفي حال تعذر تطبيق الفقرات السابقة، بالاتفاق بين المستهلك ومسبب الضرر، يتقدم المستهلك المتضرر إلى الوزارة، أو إحدى مديرياتها في المحافظات بشكوى خطية، أو الكترونية أو هاتفية خلال ثلاثة أيام عمل كحد أقصى من وقوع الضرر، ليتم تكليف الضابطة العدلية لمعالجة الموضوع.

رأي المسوقين
رؤى طالبة جامعية تقطن في ريف دمشق، دأبت منذ بضع سنوات تتسوق احتياجاتها من الألبسة والأحذية عبر أحد مراكز التسويق من خارج محافظتها، ولم تجد في حديثها للبعث أي مشكلة في نوعية السلعة التي تصلها، كونها مطابقة لما يتم عرضه عبر الفيس، ولم تشعر بالغبن يوماً، بعكس محمد الذي اتفق مع أحد العارضين لشراء كنزة مقابل مبلغ مادي، وحين وصلت الكنزة لدمشق طلب منه أجرة توصيل، ما جعل ثمن الكنزة أغلى من المتوافر في العاصمة دمشق، فرفض الشراء، لشعوره بالخدعة، كون المراسلات بينهم نصت على وصولها إلى مكان سكناه في جرمانا.
أما أبو يوسف صاحب مكتب عقاري لشراء وبيع المنازل وتأجير الشقق السكنية، فيؤكد أن جميع المعاملات مع الزبائن لديه تتم عبر الواتس آب، لتسويق أعماله، واصفاً التعاملات معهم بأنها جيدة، وبنسبة التزام تتجاوز 80 في المئة، لجهة تواصلهم وفق الاتصالات التي يقوم بها، من خلال إرسال الصور للمنازل المعدة للبيع، وكذلك الشقق المعدة للإيجار، ما يوفر عليه كما يقول العديد من العمولات، التي كانت تذهب لأشخاص يطلق عليهم ” الدلال”.

أسباب التسوق الالكتروني
في رده على تساؤلات “البعث” تحدث الدكتور سامر مصطفى أستاذ الإدارة في كلية الاقتصاد في جامعة دمشق عن الأسباب التي تدعو إلى التسويق الالكتروني كأحد نتائج الانتشار الواسع لشبكة الانترنت، ولتحقيق فوائد ومنافع مادية أو معنوية مشتركة بين المستهلك والشركات، وأوضح أن التكنولوجيا سمحت للشركات والمنشآت بتحقيق أهدافها وأغراضها، من خلال وصولها إلى العملاء والوسطاء، من دون أي تكاليف إضافية، لتسويق منتجاتها وخدماتها بالاعتماد على الأجهزة التطبيقية والمعلوماتية التي تتميز بالسهولة، وبانخفاض التكلفة، وهذا ما زاد من أهمية استخدام التسويق الالكتروني، والذي غير مفاهيم حقيقة التسوق، بالتحول من دفع المستهلك إلى جذبه، وهو العميل الذي يختار السلعة والخدمة التي يرغب بها ليقوم بشرائها، لتصبح المسألة بيد العملاء أو المستهلكين، ما ينبغي على الشركات أن توفر السرعة والراحة والجودة والجدارة بطريقة عرضها الكترونياً.
وبذلك يمكنك السيطرة على العملاء والمنتجين والموزعين، لأن الجميع أصبحوا بحاجة للتسويق الالكتروني، وللعمل في مجاله، من خلال وظائفه المتعددة، ومنها الإعلانات والمبيعات وإدارة التوزيع والتسويق المباشر وخدمة الزبائن.

تأثيرها على الاقتصاد
وحول تأثير التجارة الالكترونية على انعاش الاقتصاد أوضح مصطفى أن لها فوائد كثيرة، سواء للشركات المنتجة أو للعملاء المستهلكين، كونها تفتح الطريق لسوق عالمية، للشركات الصغيرة والمتوسطة على حد سواء، وتتعامل مثلها مثل الشركات الكبيرة في مجال التسويق الالكتروني، كما أنها تستطيع التعامل مع مجموعة من الزبائن والعملاء بنفس الوقت، وتزداد عملية التنافس وتساهم في تخفيض رأس المال، من خلال المخزون من الموظفين في المخازن الالكترونية التي تعمل على مدار 24 ساعة، وتحقق للمستهلكين خيارات على مستوى العالم، لانتقاء منتجات بجودة ونوعية أعلى وأفضل، وتختصر الوقت والإجراءات للحصول على المنتج، ومعرفة الابتكارات والمنتجات في الأسواق العالمية بطريقة تسهل التعامل بين المستهلك والشركة.

ماذا تحتاج؟
وعن الاحتياجات الأساسية لتلك التجارة بين مصطفى أهمية توافر البنية التحتية المناسبة، على صعيد مزودي خدمات الانترنت للأشخاص وللشركات، لأن لها دور الوسيط في التعاملات والخدمات المقدمة التي تشمل رسوم مالية، واشتراكات تكلفة التحويل البنكي بين البنوك والشركات المعنية بالتجارة الالكترونية، أي نحتاج إلى إدارة لمعالجة المعلومات وتنظيمها، نظراً لازدهار هذه التجارة عالمياً، وكمية المعلومات فيها كبيرة بحاجة إلى ضبط من ناحية الأمان، بما يتعلق بالدفع، والتعاملات المالية التي تتركز على بطاقات الائتمان للمشتري، والذي يتعامل مع جهات غير موجودة في الواقع، وتلك مشكلة، فلا يوجد مستهلك حقيقي، وأيضاً ولا شركة حقيقية، وكثيراً ما نعاني في هذه النقطة، بالرغم مما وفرته تلك الشركات، من تطبيقات برمجية مناسبة وتجهيزات لاستمراريتها في تقديم الخدمات التسويقية الالكترونية.
ومع ذلك نحن بحاجة لوضع التشريعات والقوانين المتعلقة بالنقد الالكتروني، الذي يفيدنا في تطبيق التجارة الالكترونية في مجالات الصناعة والتجارة، بشكل سليم، وتالياً تقديم الخدمات الجيدة، سواء للشركات وللسوق وللعملاء أو الزبائن.

مسألة الضمان
ولضمان مصالح المسوق والمستهلك والموثوقية يمكننا الاعتماد على قانون التجارة الالكترونية لحماية الشركات، بحسب مصطفى، من خلال التراخيص، وعدم السماح بعملها، إلا بموجب تراخيص رسمية لتقوم بذلك، بحيث تكون مرخصة وموثقة من غرف التجارة والصناعة، وعلى صعيد المستهلك من خلال قوانين حماية المستهلك، لحمايته من الغش أو التدليس، أو بيع منتجات غير صحيحة غير مصرح عنها بشكل مرخص، وعن جودتها وضمانها قياساً لما تقدمه لنا في الأسواق، في مجال التجارة الالكترونية.

مخاطر التسويق الالكتروني
أما مخاطر هذا النوع من التسويق فتتمثل وفقاً لمصطفى في ضعف إمكاناتنا وشركاتنا بهذا النوع من التجارة، وخاصة على صعيد التسويق، كما أن العملاء غير معتادين على الصعوبات التي تواجه هذا النوع من التسويق، نظراً لعدم جاهزية البنية التحتية بالشكل الكافي، وهي غير ملائمة أيضاً لمشكلة الكهرباء وضعف سرعة الانترنت، وأيضاً ليس لديهم الثقة الكبيرة، وهم في حالة تشويش بالرؤية لشروط الدفع و الأمان لتسديد القيم المادية للسلع المسوقة وللخدمات وتوثيقها بشكل دقيق.
وبالمحصلة لا تزال التعاملات التجارية الالكترونية غير آمنة بالشكل الكافي بالنسبة لرأي المستهلك، مع أنها عالمياً موجودة عن طريق المصارف التي تتعامل ببطاقات الائتمان العالمية، ولذلك نحن بحاجة لتكريس الثقة بالدرجة الأولى، وبشروط الدفع وباسترداد المبلغ إذا كان هناك خطأ ما.
أضاف مصطفى، من هنا تبرز الحاجة لتشريعات جذابة تدفع للقيام بالتجارة الالكترونية، تشريعات قانونية تحمي كل من المستهلك والشركة، لأن هناك العديد ممن يقومون بعلميات الاحتيال على المستهلكين، ببيعهم بعض المنتجات بشكل شخصي من دون وجود رخص تجارية أو غيرها لهذه الشركات، وقوانين لحماية الملكية، والعمل في المجال الالكتروني، لنحمي المستهلك ولنثبت مصداقية الشركات وثقتنا بها، من خلال المواقع التي تقوم بإنشائها ويتم التسويق عبرها.
كما ينبغي التنبه للمخاطر الناجمة عن ضعف عمليات الاتصال، التي تفتقد إلى الفاعلية والكفاءة بالشكل الكافي محلياً، فكيف سيكون حالها على صعيد التسويق الالكتروني العالمي المتاح للجميع الدخول إليه ومعرفته.
ليصل مصطفى إلى نتيجة مفادها إننا بحاجة لإمكانيات كبيرة لندخل في المنافسة على المستوى العالمي في ميدان التسويق الالكتروني، وأن تبحث الشركات على الاتفاقيات التي يمكن تطوير التجارة الالكترونية لديها، لتكون مبينة على أسس سليمة وصحيحة بتطبيقها، ولا تقوم على التخمين والافتراض.

قنوات المسوقين
وحدد إسكندر حمادة الباحث عن جودة الخدمة الالكترونية أهم القنوات التي يستخدمها المسوقون للترويج لمنتجاتهم وخدماتهم، والتي يتم استخدامها من خلال منصات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وانستغرام ويوتيوب و تويتر و لنكد إن، مبيناً أنها من أهم القنوات الرئيسية التي يستخدمها المسوقون للترويج لمنتجاتهم وخدماتهم والوصول إلى جمهور واسع، حيث تزدهر حملات الإعلانات المدفوعة، وتعتبر استراتيجية تسويق فعالة للوصول إلى العملاء المحتملين.
ويؤكد حمادة أن سورية مستبعدة من الإعلانات المدفوعة المنصات لأسباب مختلفة، أهمها عدم ارتباط بنوكها ببنوك خارجية، مثل باي بال أو بايونير، وثانياً العقوبات الاقتصادية، فكان على المسوقين السوريين الاعتماد على استراتيجيات السيو، وفتح حسابات خارج سورية للوصول إلى الجمهور المستهدف.
وبشكل عام فإن حجم سوق الإعلانات الرقمية والتسويق عبر وسائل التواصل في سورية ما زال نامياً وفي طور النمو.

أيمن فلحوط