مآسي سهل عكار “الخصيب” لا تنتهي.. وأقساها فيضان النهر وفاجعة فناء أسرة غرقاً!
أربعة ضحايا من أسرة واحدة التهمتهم فيضانات “التقصير” في سهل عكار الخصيب يوم الجمعة الفائت، لتتحوّل نعمة المطر إلى نقمة أفنت في لحظة تخلٍّ عمر أسرة ذنبها أنها كانت تعبر طريق الجويميسة إحدى قرى السهل، لنكتشف في الوقت نفسه هشاشة الإجراءات والاحتياطات التي سرعان ما كذّبت الغطاس، مخلفة وراءها فاجعة إنسانية وكارثة وطنية زراعية واقتصادية بامتياز أصابت سهلاً لطالما كان وما زال خزان سورية من الخضار الباكورية وشتى المحاصيل الزراعية التي لا تغيب ولا تنقطع على مدار العام بهمّة أهله وشقائهم وتفانيهم رغم التهميش والتخسير!.
خسائر كبيرة
علي يونس مدير زراعة طرطوس قدر حجم الأضرار الأولية للغمر الذي أصاب مساحات واسعة من الأراضي الزراعية والبيوت المحمية في منطقة سهل عكار بريف محافظة طرطوس بنحو 250 هكتاراً مزروعة بالبطاطا و319 هكتار بيوت محمية و68 هكتار حمضيات و1066 هكتار قمح و58 هكتار فول أخضر في قرى تلسنون والمشيرفة والحسنة وتلعدس والسودة وكرتو والرنسية وخربة الأكراد وبني نعيم والجيميسة والبصيصة وغيرها، وعزا الغمر الذي تعرّضت له المنطقة للأمطار الغزيرة وفيضان النهر الكبير الجنوبي ونهر أبو الورد، وتعمل لجان الكشف الفنية على حصر الأضرار التي طالت أيضاً بيوت الأهالي في تلك القرى.
المحافظة تتحرك
وكان محافظ طرطوس فراس الحامد تفقد عدداً من القرى المنكوبة التي غمرت أراضيها وحقولها وبيوتها مياه الفيضان، وطلب من مديريات الموارد المائية والخدمات الفنية والزراعة والمؤسسات الإنشائية ومنظمة الهلال الأحمر وجمعية البتول الخيرية العمل كلّ في مجاله لتسليك المجاري والعبارات وتعزيل السواقي وتقديم أعلى درجات الاستجابة والدعم الإغاثي الغذائي والصحي الإسعافي للمتضررين وكل ما من شأنه التخفيف من الأضرار وتسريع عمليات حصر الأضرار وتقدير حجمها والخسائر التي أصابت المنطقة وأهلها.
وكان مدير صندوق التخفيف من آثار الجفاف والكوارث الطبيعية في زراعة طرطوس حيدر شاهين أكد أن هناك أضراراً كبيرة في الأراضي الزراعية في منطقة سهل عكار نتيجة الشدة المطرية وطوفان نهري الكبير الجنوبي وأبو الورد، الأمر الذي أدى إلى حدوث اختناقات في قنوات التصريف المائية، وبالتالي غمر عدد من البيوت المحمية، ويؤكد مدير الصندوق أن لجان حصر الأضرار بالتعاون مع الوحدات الإرشادية رغم الأحوال الجوية تعمل على حصر الأضرار الأولية، معتبراً أن الأرقام المتداولة ليست نهائية وقابلة للارتفاع بسبب صعوبة الوصول للمناطق والأراضي والقرى التي لاتزال أراضيها تحت الغمر وارتفاع منسوب الأنهار المحيطة.
ناشطو الفيسبوك
أحد الناشطين على الفيسبوك ويعمل في مجلس مدينة طرطوس وله اهتمامات ومتابعات لأحوال الطقس حذّر قبل كارثة الفيضان من غزارة الأمطار المتوقعة قبل أيام ولفت إلى ضرورة أخذ الحيطة والحذر؟!.. والغريب أن مديرية الموارد المائية أطلقت العديد من التصريحات في إطار الاستعدادات التي تجريها قبل الوصول في فصل الشتاء، لكن حسابات البيدر لم تكن كذلك أبداً.
مطالب عادلة
المتضررون من أبناء قرى سهل عكار يطالبون بإلغاء القروض الزراعية وتسديد الديون المستحقة للصيدليات الزراعية التي استجروا منها البذار والسماد والمبيدات ولفائف النايلون وكافة مستلزمات العملية الزراعية.
معقول “تشتي” بكانون الثاني
ناشط آخر كتب بتاريخ السبت 13 كانون الثاني 2024: تفاجأت الجهات المعنية في مديرية الموارد بطرطوس بكمية الأمطار الهاطلة خلال الـ24 ساعة في قطاع نهر الكبير الجنوبي وروافده “بوابة حمص” المعروفة بغزارة الأمطار، وكان النهر وروافده غير مجهزة لتلقي تلك الغزارة وارتفع منسوب النهر والروافد ودخلت المياه الحمراء المحملة بالأتربة الأراضي الزراعية في سهل عكار المزروعة بالبيوت البلاستيكية والخضار الشتوية من بطاطا وفول وقمح والبساتين، ودخلت البيوت المنخفضة في الجويميسة وبني نعيم، ويقول حدث كل ذلك ونحن في منتصف كانون الثاني، ويتساءل: معقول “تشتي” بكانون الثاني؟.
متابعة الطوفان
تابعت آليات وكوادر مديرية موارد طرطوس الشدّة المطرية التي حدثت في سهل عكار، وخاصة المناطق الحدودية لنهر الكبير الجنوبي وفيضان أنهار العروس وخليفة وأبو الورد للتخفيف من آثار الشدة المطرية، وتعزيل عبارات طرقية وتسليك بعض الطرق المقطوعة في قرى الدكيكة والخرابة وشاص وأرزونة وكرتو والمدحلة والمشيرفة والرنسية وحكر الضاهري من الحجارة والأتربة نتيجة الشدات المطرية.
وبتكليف من محافظ طرطوس تفقّد نائب رئيس المكتب التنفيذي حسان ناعوس ورئيس مجلس المحافظة عليا محمود وعضو المكتب التنفيذي لقطاع الإغاثة هاني خضور الأماكن والمواقع المتضررة لمتابعة عمليات الاستجابة ميدانياً والوقوف على احتياجات أهالي القرى المتضررة.
أسئلة لا بدّ منها
صحيح أن ما جرى ينضوي تحت عنوان الكارثة الطبيعية، لكن الصحيح أيضاً أن نسأل أين ذهبت احتياطاتنا ومتابعاتنا، وما فائدة وجود الساتر الترابي أو السدة الوقائية على النهر الحدودي؟ ولماذا لم تتأثر الأراضي اللبنانية كما تأثرنا، وما هي جدية وجدوى عمليات التعزيل الدورية التي ينفق عليها مئات الملايين كلّ عام، ومن الذي سيعوّض على المزارعين الذي يطعمون ويملؤون الموائد بمنتجاتهم ولا يجدون اليوم من يطعمهم أو يعوضهم، ولماذا لا تتحمّل غرف التجارة والصناعة واتحادها ومعهم اتحاد المصدّرين جزءاً من الحمل وهم الذين يعتاشون بل يغتنون على ظهور هؤلاء المنتجين البسطاء المنكوبين، ولماذا لم تتدخل حكومتنا بتقديم دعم مالي إسعافي تعويضي فوري للملمة ذيول الفيضان للنهوض من جديد..
أسئلة نعتقد أنها في محلها بل هي حال ألسنة المبتلين بالفيضان فهل من مجيب؟!!.
وائل علي