أدب الأطفال في زمن المنظومة الإلكترونية
محمد خالد الخضر
ليس أدب الأطفال بالظاهرة السهلة، إنها مكونة من أجناس أدبية مختلفة تشمل القصة والمسرح والشعر وغير ذلك, وتتطلب مواهب حقيقية تحتاج إلى معرفة وثقافة لتسخير القدرات المطلوبة في تكوين النصوص الأدبية والتي تتطلب واقعاً وخيالاً وثقافة ومطالعات وتجارب، وهذا ما جعل على سبيل المثال الشاعر سليمان العيسى متفوقاً في كتابته ولامعاً إلى حد دخل حياة الأجيال بطاقاته الإيجابية التي ساهمت في إنجاح التربية وتقويم السلوكيات في تحولات نموها عند الصغار، وهذا النموذج الشعري تراجع كثيراً, بسبب عدم تسليط الضوء على الموهوبين الحقيقيين الذي يمتلكون قدرات هائلة على التخيل والكتابة لأن الوسائل الإلكترونية تعددت في اختراعاتها التي لا ينجح معظمها إلا في تخريب الثقافة والتقاط من لاحول ولا قوة له ولا يمتلك أدنى موهبة مما جعل الأطفال ينشغلون غالباً في متابعة الرؤى التي يقدمها الآخرون خلال التقنيات الإلكترونية والتي تستهدف تربيتهم ونموهم الوطني والأخلاقي، وعلى سبيل المثال في الوقت الذي داهمت الحرب والإرهاب تطلعاتنا الثقافية، أصبح كثيرون وكثيرات يتصدرون في الواجهة، لأن بعض وأغلب وسائل الإعلام التي تكتب للأطفال تتلقف الكتابات بصورة مغلوطة، وهناك مفاجآت كثيرة مؤثرة، أذكر أن صحيفة مخصصة للصغار من خلال نشاط ثقافي تلقفت بعض من كان فيها من خلال الشكل ومتانة العلاقات الاجتماعية المختلفة فصار بعض الذين يغطون أنشطتهم أدباء أطفال، وبين يدي كتاب أدبي للأطفال أصدرته مؤسسة رسمية يعج بالأخطاء والكلام المرهون بقافية فقط ورداءة المعنى وغير ذلك.. وهذا ينطبق على ما أنتجته بعض المسابقات بسبب المصالح المشتركة التي يتطاول من سلوكها أعضاء اللجان بعضهم.
ولا أريد لأحد أن يتورط بالغضب من كلماتي لأنه ثمة وثائق تدل على تورط أغلب الوسائل الإعلامية التي تخص الأطفال بما لا يحمد عقباه، ومن المؤسف إن انفلات الرقابة ترك أثراً تخريباً، سنرى عواقبه المؤثرة في وقت ليس بعيداً، وعلى كتاب الأطفال ألّا يستهينوا بما هو مطلوب ومن يقدم من دون موهبة أصيلة الرجوع أفضل، فالكلام العادي أي متعلم قادر عليه حتى ولو كان طفلاً، والموهبة تبدأ بالسطوع منذ الصغر، وثمة أمر آخر، لقد حضرت حفلاً في مؤسسة بيوم كان يخلط فيها المسؤولون عنها بين الكلام الفارغ المسجوع وبين الشعر، وهذا ينطبق في الساحة على الكبار، وغيره، لقد هزم أدب الأطفال بشكل كبير ولا بد من وجود للثقافة والإعلام في دور يعيد رونقه.