على أبواب الخيار الديمقراطي
علي اليوسف
بكثير من الاهتمام، استمع الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي الرفيق الدكتور بشار الأسد لمخرجات الجولات واللقاءات التي أجرتها اللجنة العليا للإشراف على الانتخابات الحزبية في الفروع والمحافظات، وما حملته من نقاطٍ استفسارية تقتضي التدقيق والمراجعة التنظيمية لها، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على حرص الرفيق الأسد على السير بهذه التجربة في طريق النجاح انطلاقاً من تقييمها بشكل علمي ودقيق لتصويب الثغرات في تطبيق اللوائح التنظيمية، وبالتالي ضمان أكبر مستوى من النزاهة والعدالة الانتخابية والتمثيلية في الترشّح والتصويت والنتائج.
وعندما يحرص الرفيق الأمين العام للحزب على الاستماع لإحاطة اللجنة العليا الانتخابية، بعد أسابيع على تزويدها بتوجيهاته، قبيل بدء عملها، يتضح جلياً حجم الثقة التي يبنيها الرفيق الأسد على استقلالية هذه اللجنة، وحياديتها وموضوعيتها، بما يمكن من إجراء انتخابات حزبية تحقق أعلى درجات النزاهة والشفافية، والمسؤولية، بحيث تضع “البعث” في موقع الأنموذج والقدوة، وتترجم أولياً حقيقة الخيار الديمقراطي المتجدّد الذي سيُبنى عليه الكثير في قادم الأيام، وعلى مختلف المستويات النقابية والتشريعية.
وما دام التصويب كان بهذا القدر من الأهمية بعد لحظ عدد من القضايا التنظيمية التي ارتأتها اللجنة العليا، بناءً على طروح الفروع والشعب الحزبية، فهذا يعني أن الانتخابات الحزبية، التي ستنطلق خلال الأيام القادمة، ستحمل إرادة وتصميماً للوصول إلى صيغة عمل وحضور بمثابة تجربة جديدة في حزب البعث تعوّل عليها انتخابات ديمقراطية بعيدة عن الآليات السابقة، وبعيدة عن الإشكالات التي كانت تحصل وعن كل العقبات، ليقارب حزب البعث بشكل كبير حركة التطوير الذاتي والقدرة على التغيير والتجديد، ليس تنظيميا فقط بل فكريا ومؤسساتياً أيضاً.
وبذلك تكون اللجنة العليا، وبإشراف الأمين العام للحزب، قد أنهت الدور التنظيمي، أو الدور “التشريعي” إن صح القول، لتنتقل إلى الدور الثاني، أي الشق التنفيذي المتمثل في إجراء الانتخابات، وهذا يقع على عاتق الناخب، فالدخول في اختيار الممثلين للجنة المركزية ثم القيادة المركزية يتطلب من الناخب مسؤولية كبيرة في اختيار الأكفأ، والأكثر خبرة، لأنه دون ذلك ستبقى الهيكليات دون الأداء المطلوب.
ولأننا على أبواب التغيير، فإننا كبعثيين نحتاج إلى إيلاء هذا الجانب الأولوية التي نحتاج إليها ويحتاج إليها حزب البعث، وأن نستهدي بالتعليمات التنظيمية وشروط الترشيح كي لا نرسي الشكل والروتين، فاختيار الرفاق الأكفاء سيكون له الأثر الإيجابي في المهام المنوطة بالفائزين، وبصمته في الأداء الحزبي والوطني بشكل عام . واليوم كل الجهاز الحزبي، بل كل السوريين، يراقبون مضامين التغيير والاختلاف المطلوب، فالمرحلة هي مرحلة التغيير، وكل ما نحتاج إليه يتمثل في تثبيت وتعميق المحفزات التي تسهم فعلاً في التغيير والاختلاف، فالاستحقاقات القادمة تفرض علينا كحزبيين أن نعطي الصورة الديمقراطية عن انتخاب بيتنا الحزبي ليكون مثالاً في انتخابات مجلس الشعب والإدارة المحلية وغيرها من الاستحقاقات الانتخابية القادمة.
لقد كان النقاش مع الرفيق الأمين العام شفّافاً لجهة منهجية السير في الاستحقاق الانتخابي، والنقاط الرئيسة المستجدة التي نتجت عن الجولات على كل الفروع، والخصوصيات التي قد تميز فرعاً حزبياً عن آخر، وشعبة عن أخرى ؛ وانعكاسات ذلك على بعض الجوانب التنظيمية، وما على البعثيين إلا أن يقفوا في مواجهة صادقة ومسؤولة مع أنفسهم.