ثقافةصحيفة البعث

لين البطل.. الفن البدائي هو السهل الممتنع

أمينة عباس

استطاعت الفنانة التشكيلية لين البطل من خلال معرضها الذي أقامته، مؤخراً، في غاليري زوايا، وترك انطباعاً مختلفاً لدى الحضور عن فن اللوحة وطريقة تناولها للموضوعات بعيداً عمّا هو مألوف في الفن التشكيلي، أن تلفت الانتباه إلى نمط خاص فيه هو الفن البدائي الذي يقوم على تبسيط كلّ شيء في الرسم، الإنسان والحيوان والبيوت من خلال الرسم العام الذي لا يلتفت إلى التفاصيل الصّغيرة وتغلب عليه الصرامة والخطوط الخارجية المرسومة بحدّة من دون أن يتبع لأي قواعد، معتمداً على الخيال والتصور البسيط عن البيئة المحيطة مع وجود بعض الرموز والزخارف البدائية.

الرسم بالفطرة

وتشير الفنانة البطل في حوارها مع “البعث”، وهي المقيمة في مارسيليا بفرنسا، إلى أنها كانت حريصة على إقامة معرضها في دمشق خلال زيارتها الحالية لتثبت وجودها في بلدها، وقد كان هذا الأمر هو الهدف الأساس من المعرض الذي ضمّ بقايا اللوحات التي بقيت لها في دمشق إلى جانب لوحات صغيرة جلبتها معها، مشيرةً إلى أن بعض اللوحات سبق وأن عرضتها سابقاً في معارض أقامتها في دمشق وهي تنتمي إلى النمط الخاص بها، وهو الفن البدائي الذي يستهويها مذ كانت طفلة، انطلاقاً من قناعتها بأن الفنان يجب أن يكون له طابعه الخاص الذي يميّزه، وهو إن لم يستطع تحقيق ذلك لن يحقّق النجاح المطلوب، لذلك عُرِفَت هي بهذا الفن فكونها تميل إلى البساطة في الحياة أغرتها الفطرة التي تمتلكها الشعوب القديمة في التعبير بشكل بسيط عمّا يحيط بها، مع إشارتها إلى أن الفن البدائي هو فن معاصر حديث لكن النمط هو البدائي فيه، مؤكدة أن لهذا الفن جمهوراً كبيراً، لأنه ملّ ممّا هو موجود على الساحة التشكيلية.

وتعترف البطل بأنها عندما قدّمت نفسها للجمهور من خلال هذا الفن رأى النقاد أن ما تقدمه ليس فناً سورياً، في حين تؤكد البطل أن ما تقدمه وإن كانت تكويناته مستمدة من حضارات قديمة أفريقية وأسترالية ومن حضارات المايا والآنكا، لكنه سوري مستمد من مخزونها البصري كسورية عاشت ودرست فيها، والمفارقة برأيها أن الجمهور في فرنسا استغربوا ما تقدّمه ووصفوه بالغريب لأنهم كانوا ينتظرون منها كسوريّة أن تقدم شيئاً من سحر الشرق بالوقت الذي رأى فيه آخرون هنا أنها تقدم فناً مستوحى من الغرب، في حين أشار بعض النقاد إلى أنّها متأثرة بـ”بيكاسو” على صعيد الشكل البسيط والواضح الذي تقدمه في لوحتها وهي لا تنفي ذلك، موضحةً أن “بيكاسو” من أحب الفنانين إلى قلبها، وقد يبدو ذلك في لوحاتها وخاصة ما يتعلق بالخط المتواصل في الرسم، إلا أنها مع ذلك ترسم بطريقتها التي تميزها.

لا يوجد حل وسط

وعلى الرغم من أن الفن البدائي هو السهل الممتنع، لكن لين البطل تؤكد أن تبسيط الشكل أمرٌ صعبٌ، وإن لم ينجح الفنان في ذلك سيقدم لوحة مشوهة، حيث لا يوجد في هذا الفن حل وسط، فكل شخص ينظر إلى اللوحة بطريقته، يتقبل الألوان أو لا، يستمتع بالتفاصيل أو لا، مشيرةً إلى أن بساطة الشكل في هذا الفن لا تعني أن الجمهور سيقرأها قراءةً واحدةً، لأن كل واحد منهم سينظر إلى اللوحة من وجهة نظره ويفسرها بطريقته، وقد لمست البطل من خلال معرضها أن الفضول للفن وتحليل اللوحة في سورية بات كبيراً، فازدادت الأسئلة حتى من قبل غير الأكاديميين، لذلك أسعدها جداً التفاعل الكبير مع لوحاتها التي طغى عليها الفرح الذي هو جزء من شخصيتها والذي تحاول نقله للوحاتها ومن ثم للجمهور، أما عن رسمها للمرأة بشكل يشبه الرجل فإنّ الهدف منه ليس تصوير المرأة المسترجلة وإنما لإيمانها بأنهما يكملان بعضهما، وأن الجمهور برأيها قادر من خلال تفاصيل صغيرة موجودة في اللوحة أن يفرق بينهما.

الأقرب إلى عالم الطفل

وتعترف لين البطل بأن الفن البدائي وإن كان فناً طفولياً ببساطته هو الأقرب إلى عالم الطفل، لكنها ترى صعوبة كبيرة في التوجّه إليه لقناعتها أن ذلك أمر ليس سهلاً على الإطلاق لأنّها مؤمنة بأنّ الأطفال أذكى من الكبار، لذلك تبدو المسألة الصعبة بالنسبة إليها في كيفية الوصول إليهم عن طريق اللوحة، وهو أمر تراه صعباً في الوقت الحالي.

يُذكر أنّ لين البطل فنانة تشكيليّة سوريّة من مواليد باريس عام 1974، بدأت موهبتها في الرسم بمرحلة مبكرة جداً من حياتها، وفي عام 1997 تخرجت من كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق –قسم الاتصالات البصرية-، وفازت في عام 1981 بالجائزة الذهبية في أول معرض دولي لها باليابان، وشاركت في أكثر من 10 معارض جماعية وفردية في سورية، وانضمت إلى ورشة عمل دولية للاتصالات المرئية مدة 6 أشهر في فرنسا 1995، كما شاركت بالمعرض الجماعي الدولي الذي أقيم في نهايتها، ولها مشاركات في العديد من المعارض الجماعية والفردية خارج سورية، كان آخرها في مارسيليا وموناكو ودبي، وتعمل بشكل دائم على تطوير مفهوم العمل اليدوي الحرفي الخاص بها القائم على مزيج من المواد الأساسيّة الحرفيّة السوريّة التقليديّة لإنتاج الحلي والحقائب وغيرها من العناصر الزخرفيّة.