الحكومة الأمريكية أكبر وسيط للمجمّع العسكري
تقرير إخباري
كان العالم في حالة اضطراب في عام 2023، مع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية وتجدّد الحرب الوحشية الإسرائيلية في قطاع غزة المحاصر. ومع ارتفاع الطلب الهائل على الأسلحة في العديد من أنحاء العالم، قدّمت الولايات المتحدة، المعروفة بآلة الحرب التي لا تتوقف، مراجعة أخرى لأداء المبيعات العسكرية الأجنبية في نهاية العام، وصلت إلى رقم قياسي بلغ 238 مليار دولار.
ومع زيادة بنسبة 16% عن عام 2022، كان النمو في مبيعات المعدات العسكرية الأمريكية للحكومات الأجنبية العام الماضي مدفوعاً في المقام الأول بالصفقات الكبيرة التي أثارتها الحرب الروسية الأوكرانية. ووفقاً لتقرير أصدرته صحيفة “بوليتيكو” كانت أكبر الصفقات عبارة عن ثلاث مبيعات بقيمة حوالي 30 مليار دولار لطائرات هليكوبتر الهجومية وقاذفات صواريخ طويلة المدى لبولندا وألمانيا.
منذ اندلاع الحرب الحالية في أوكرانيا، واصلت حكومة الولايات المتحدة تأجيج الصراع من خلال إمداد كييف بالأسلحة. ونتيجة لذلك، شهد تجار الأسلحة في الولايات المتحدة ارتفاعاً كبيراً في طلبيات الأسلحة، بالإضافة إلى ذلك، فإن الدول الأوروبية، وبسبب مشكلات إنتاج الذخيرة و”الخوف المتزايد من روسيا، ألقت بنفسها في أحضان تجار الأسلحة الأمريكيين”. ونتيجة لهذا استفاد المجمع الصناعي العسكري الأمريكي بشكل كبير من الصراع بين روسيا وأوكرانيا. ومع اقتراب الصراع من عامه الثالث، تظهر المزيد من الأدلة على أن الولايات المتحدة هي المتلاعب وراء الكواليس والمستفيد الرئيسي، حيث كانت تهدف واشنطن من وراء تضخيم نظرية “التهديد الروسي” إلى ترهيب الدول الأوروبية ودفعها إلى سباق تسلح، ما يؤدّي في نهاية المطاف إلى تعزيز المصالح الأمريكية على حساب أوروبا وروسيا وأوكرانيا.
لا شك أن تصعيد الحرب من أوكرانيا إلى الشرق الأوسط، يشكّل خبراً جيداً لتجار الأسلحة الأميركيين الذين يسعون دائماً إلى جني أرباح ضخمة من الاضطرابات، فهناك علاقة وثيقة واضحة بين صناعة الأسلحة الأمريكية والسياسة، والسجل الجديد للمبيعات العسكرية الأمريكية إلى الخارج يثبت أمراً واحداً فقط، هو أن الولايات المتحدة تشكّل في الواقع مصدراً كبيراً للاضطرابات في العالم. والواقع أن حكومة الولايات المتحدة قامت بتغذية وحش شرهٍ داخل البلاد، هو المجمع الصناعي العسكري. وفي مواجهة هذا المجمع الصناعي العسكري الضخم، تستعرض واشنطن بعنجهية وغرور رقمها القياسي الجديد في عام 2023.
إن تأثير المجمع الصناعي العسكري في السياسة الأمريكية منتشر على نطاق واسع. ومن الطبيعي بالنسبة للعديد من الساسة الأمريكيين، سواء أكانوا جمهوريين أم ديمقراطيين، أن يدافعوا عن تجار الأسلحة الذين يموّلون حملاتهم الانتخابية في الحزبين على حدّ سواء. وضمن هذا السياق قالت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان صدر مؤخراً: إن عمليات نقل الأسلحة وتجارة الدفاع “أدوات مهمة للسياسة الخارجية الأمريكية ولها آثار محتملة طويلة المدى على الأمن الإقليمي والعالمي”، ما يدل على العلاقة الوثيقة بين مبيعات الأسلحة الأمريكية والسياسة الخارجية.
لقد ساعدت الحكومة الأمريكية تجار الأسلحة الأمريكيين على تعزيز مبيعات المعدات العسكرية من خلال الترويج المستمر لروايات مثل “التهديد الروسي” و”التهديد الصيني”، ما جعلها أكبر وسيط لصناعة الأسلحة الأمريكية.
عناية ناصر