صحيفة البعثمحليات

إحياء رميم السياحة

علي بلال قاسم

ما بين التوجّه إلى بغداد وامتطاء الركب الطائر إلى مدريد، ثمّة محاولات جهيدة من قبل وزارة السياحة لإحياء القطاع الذي يعدّ أكبر الخاسرين وآخر المتعافين من أي اختلال أمني أو ميداني، ليغدو النشاط السياحي بالعموم في خبر كان، جراء حرب السنوات ما بعد العشر، حيث لا حركة قدوم ولا بيئة مناسبة للقيام بأي منتج أو تنظيم أي فعالية ومهرجان وإنجاز أي برنامج يناسب السائح الداخلي ولا الوافد الخارجي.

يمكن القول إنه في سنوات الحرب كانت وزارة السياحة وجلّ المؤسسات والدوائر التابعة لها في حالة تعطل وتكبل ميداني.. وقتها، طفا على سطح الغيرية والتفاعل مقترح يفضي إلى ضرورة استثمار هذا التوقيت “الميت” في صياغة دراسات استشرافية، وتجهيز قاعدة بيانات وأساس متين من الأفكار الخلاقة والمشاريع المدعمة بجدواها المطلوبة لمرحلة ما بعد الحرب، وإن حصل ذلك أو لم يحصل فإن ثمة بوادر مشجعة رغم الظروف التي تعيشها البلاد حالياً، وعلى مدى السنوات الماضية، والدليل الأرقام التي تبنّتها الحكومة والتي تفيد بأن الحركة السياحية في سورية خلال عام 2023 سجلت وصول نحو مليوني زائر.
ومع اعتماد مشروع منصة القدوم الإلكترونية بهدف تطوير وتعزيز القطاع السياحي، تعلق الآمال على طرح الفيزا الإلكترونية لتشجيع وتسهيل حصول السياح العرب والأجانب على تأشيرة الدخول إلى سورية.

وبالتوازي مع التوجّه غرباً “إسبانيا” وشرقاً “العراق” بالتتابع، تجتهد الوزارة في تسخين السياحة الشتوية، عبر تنظيم ملتقى السياحة الشتوية، الذي عقد في محافظة اللاذقية مؤخراً بهدف تحفيز مؤسسات تنظيم الرحلات على القيام بالنشاطات السياحية للمنشآت التي توجد في مواقع خارج مراكز المدن، إضافة إلى تشجيع المنشآت الفندقية وشركات النقل السياحية على تقديم العروض.
والمهمّ – الذي ولو أتى متأخراً – جمع الأطراف والجهات الفاعلة في قطاع السياحة، من أدلّاء ومكاتب وفنادق ومطاعم ومالكي هذه المنشآت السياحية والمستثمرين فيها، على طاولة مستديرة ضمن فعاليات ملتقى السياحة الشتوية والجبلية الأول الذي أطلق في اللاذقية مؤخراً لمناقشة الصعوبات والمقترحات التي تحفز قطاع السياحة بشكل عام والسياحة في خارج المواسم بشكل خاص، والمحاولات تنشد الوصول لأرضية مشتركة بتقديم منتج سياحي بتكاليف محدّدة أو مخفضة لتكون عامل جذب، سواء للسياحة الداخلية أو في قادم الأيام للمجموعات والزوار لسورية.

وكدلالة على أهمية التجربة العراقية فقد وضع سوق السياحة فيها كنموذج لشريك استراتيجي لقطّاع السياحة السوري، وهنا الكل يتفق على أن العراق يمتلك جميع المقومات ليتصدّر قائمة البلدان الأكثر استقطاباً للسياح، ولتعزيز التعاون السياحي بين البلدين، والتعويل على القادمات من الأيام عبر المزيد من التسهيلات لمجموعات السياحة الثقافية والعلاجية والتسوق، بالإضافة إلى السياحة الدينية. وفي الاتجاه الدولي الآخر كان الحضور في معرض فيتور السياحي الدولي بدورته الـ 44 في مدريد، لتكون الرسالة الأولى بأن سورية لا تزال موجودة على الخريطة السياحية العالمية، والثانية بأننا مستعدون لفتح أسواق القدوم التي اشتغل على فرش طريق بناها التحتية ومقومات الاستقبال كثيراً ولا تزال متعطشة للمزيد والمزيد.

هو حراك يستأهل دعماً حكومياً من مستوى كبير، في وقت لا بدّ من تشاركية الفعاليات وقناعة الشارع بأن السياحة ضرورة للخروج من حالة اليأس والترويح عن نفس المواطن المأزوم وغير المتفائل، وهذا يتطلّب إمكانيات وفواتير يصعب على شرائح واسعة تأمينها.. فلمن السياحة الداخلية ستكون، أما الوافدة فهي “بيضة القبان” لانتعاش القطاع برمته.