لانزال بعيدين!
وائل علي
أحلى ما في رسائل الدعم التموينية المعنونة بالمتاح وغير المتاح، على شاشة صفحات الـ “وين”، أنها، في حقيقة الأمر، ليست متاحة بهذه البساطة والسلاسة، وحتى تصبح متاحة تحتاج لرسائل توضيحية تبيّن فيها الصالات والمنافذ التي تتيحها، وإلا سنكون عرضة للبحث العبثي ومشاقه المضنية وتكاليفه الباهظة، والأنكى عندما يفيدك موظف الصالة ناصحاً عدم البحث، لأن ما تبحث عنه غير متاح، أو في أحسن الأحوال لن تجده – إن وجدته – بالسهولة المفترضة!
لكن السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا تبدو خطواتنا التي نخطوها نحو الرقمنة والأتمتة ناقصة، وهي التي يفترض أن لديها مفاتيح الحل، وتوفر الجهود والأعباء والنفقات وتمنع التماس مع الموظفين استبعاداً لسوء النيّة، وتسرّع الإجراءات وتقلص بيروقراطيتها، والأمثلة كثيرة، وقد أشبعت صراخاً وانتقاداً ورجاء، لكن عبثاً!!
طلبوا فتح حسابات مصرفية للتحويل البنكي الإلكتروني للمستحقات المالية الهاتفية والخليوية والمائية والكهربائية وأقساط البنوك وتسديد الرسوم الجامعية… إلخ، فتدفق المراجعون دفعة واحدة على البوابات والكوى المصرفية للاستفسار ومعرفة التفاصيل والإجراءات، حتى ضاقت المصارف بالمراجعين والسائلين. وعندما حاول البعض الاستعانة بالنت اصطدموا بخدمته السيئة التي لا تلبي، واقترانها برجاء إعادة المحاولة لاحقا.. وهكذا!
ولعلّ الأهم من فتح الحساب وإجراءاته وشكلياته، تلك الجيوب المثقوبة التي لا حول لها ولا قوة المرغمة على الرضوخ، وإلا ستكون اشتراكاتهم عرضة للحجب والغرامات والفوائد والقطع المالي.. إلخ!!
واستطراداً لتداعيات الخطوة الناقصة، ألزم طلبة الجامعات والمعاهد بتسديد رسومهم السنوية في المصارف، وهذا يتطلّب الذهاب إلى المصرف للتسديد، والعودة بإشعار التسديد باليد للجامعة، لإرفاقه بالثبوتيات، لأن حلقة الربط الإلكتروني ببساطة بين المصرف والجامعة لم تكتمل.. وهكذا!!
طيب.. نحن بالتأكيد لسنا ضد التوجهات والتطلعات أبداً، لا بل نرى أننا تأخرنا عنها كثيراً، لكن لماذا نسمح أن تكون خطواتنا ناقصة؟ ولماذا لا ننتظر تمام اكتمال لوجيستياتها لنطلقها للتنفيذ والتطبيق لتكون خطواتنا متاحة، كاملة، واثقة؟
مع الأسف، فإن لغة الواقع تحكي وتقول إننا لا نزال بعيدين، ولا نزال بحاجة للمزيد من الخطوات لنكمل الخطوات الناقصة!!