ليست المرة الأولى.. لا تزال حظوة أبناء المدرسين بدرجة الـ”vip” تؤذي مشاعر زملائهم
البعث – علي حسون
ليست المرة الأولى، فمراراً وتكراراً تطرقنا لخطورة ظاهرة تمييز أبناء المدرّسين عن باقي الطلاب الآخرين لجهة جعل الأولوية لهم بكل شيء، بغضّ النظر عن درجة اجتهادهم، كالجلوس في المقاعد الأمامية والمشاركة في جميع النشاطات، والاهتمام بهم ما بعد الدرس، ولاسيما أثناء الفرصة، والجلوس في غرفة الإدارة والموجّهين، واستخدام الحمامات الخاصة بالكادر التدريسي، وغير ذلك من حالات “الدلال” التي تستفزّ باقي الطلاب، وخاصة المتفوقين منهم!!.
مثير للدهشة
والمثير للدهشة والاستهجان من قبل الأهالي، قيام بعض إدارات المدارس بزجّ أبناء المدرّسين في قائمة التفوق أثناء توزيع الجلاء المدرسي وتخصيصهم بصور خاصة على صفحات المدرسة، متناسين مستواهم الحقيقي أو ما سيحدثه هذا التصرف من أذى لمشاعر بقية التلاميذ المتفوقين الذين ينقلون لذويهم تجاوزات المدرّسين بتسريبهم لأسئلة المذاكرة والامتحان، ومساعدة أبناء المدرسين، مخالفين في ذلك التعليمات والأنظمة التربوية.
وتروي إحدى المدرسات قصصاً عن الكثير من التجاوزات في بداية العام الدراسي، من خلال فرز أبناء المدرّسين ووضعهم في شُعبة خاصة، وتوزيع باقي التلاميذ على شُعب أخرى، إضافة إلى تفضيل أبناء المدرّسين في كل مناسبة مراعاة لأهلهم، بغضّ النظر عن مستوى الاجتهاد لابن المدرّس، إضافة إلى تمييزهم أثناء تكريم الطلاب المتفوقين ومنحهم الجوائز والامتياز والمرحى والتقدير، رغم أن مستواهم لا يعكس ذلك التفوق، وذلك خجلاً من ذويهم.
إحباط وإضعاف
ويرى اختصاصيون أن هذا التمييز يحدث عدوانية بين التلاميذ وحالات كره وغيرة سلبية، إضافة إلى إضعاف الحافز لديهم، وقد يصل إلى الإحباط في بعض الأحيان، حسب كلام الاختصاصية النفسية سلام قاسم التي اعتبرت أن المدرّس الناجح هو مربٍ أولاً يتصف بقدرته على تفهم حاجات التلاميذ، مع مراعاة حقوقهم دون تمييز، والقيام بدوره التربوي والأخلاقي على أكمل وجه بغضّ النظر عن المحسوبيات والعلاقات الشخصية.
النظام الداخلي!
وزارة التربية وحسب التعليمات التربوية الناظمة تؤكد على تطبيق النظام الداخلي على جميع الطلاب دون استثناء، والتشجيع والتكريم لجميع الطلاب حسب إنجازهم وأنشطتهم ومشاركتهم في العمل المدرسي، علماً أن احتفاليات التكريم للمتفوقين في المدارس والموهوبين بغضّ النظر عن الطالب وذويه، بل التركيز على سلوكه وأدائه.
وبدورهم لم يخفِ خبراء تربويون اتساع رقعة التكريم العشوائي والمبتذل في المدارس، مما يفقد التكريم رهجته البراقة وتحفيزه للتلاميذ، علماً أن هناك قسماً كبيراً من المدرّسين يقومون بشراء مستلزمات التكريم وعلى نفقتهم الخاصة في كثير من الأحيان، مطالبين بتسليط الضوء على عدد من حالات التقصير الدراسي، وتشجيعها لتجاوزها والوصول إلى مرحلة أفضل.
ترسيخ وشحذ
ويؤكد موجّهون تربويون أن التكريم والتشجيع أحد الأساليب التربوية التي تنتهجها المؤسسات التربوية، لما له من أثر إيجابي في نفوس المكرّمين وذويهم، حيث يؤدي إلى ترسيخ قيمة التفوق لدى المتفوقين والمحافظة عليه من جهة، ويساهم في شحذ همم المقصّرين لبذل مزيد من الجهود للوصول إلى مرتبة التفوق من جهة أخرى.
هاجس تربوي
ومع هذه التجاوزات التي تبدو صغير في نظر البعض، إلا أن هناك هاجساً تربوياً يسعى إلى عدم الإفراط في أشكال التكريم حتى لا يتحول إلى حالة مبتذلة، وإلى عدم التقنين حتى لا يفقد حالة الطموح إليه.
وعن أي إجراءات تربوية تجاه هذه التجاوزات، يحمّل مديرو التربية في كلّ مرة مديري المدارس والمدرّسين مسؤولية تحديد معايير ثابتة يتمّ الاتفاق عليها مع التلاميذ في بداية العام الدراسي، لتكون مؤشرات أداء وروائز يعمل عليها كلّ من المدرّس والمتعلّم لتحقيقها، إضافة إلى الأخذ بعين الاعتبار اختيار توقيت التكريم ومكانه، واختيار الحضور المناسب من أولياء الأمور، لأن ذلك يسهم في ظهور التلميذ المكرّم أمام الحضور بشكل منظم، ولا يمنع من الإشارة إلى جزء من حالات تطور المستوى لديه قياساً بغيره من التلاميذ.