الدورتان الصينيتان… فرص جديدة لتنمية العلاقات الصينية السورية
دمشق – البعث
في أوائل آذار 2024، عُقدت كل من الدورة الثانية للمجلس الوطني الرابع عشر لنواب الشعب الصيني، والدورة الثانية للمجلس الوطني الرابع عشر للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني بنجاح في بكين، مناقشة شؤون البلاد.
وتعتبر الدورتان الوطنيتان حدثاً رئيسياً في الحياة السياسية الصينية، كما تشكلان نافذة مهمة للعالم لفهم التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الصين واتجاهات سياستها، فالاقتصاد الصيني يواصل تحسنه، ما يعني ضخ زخم جديد في الانتعاش الاقتصادي العالمي، ففي عام 2023 صمد أمام جميع الضغوط الخارجية، كما تغلب على الصعوبات الداخلية، محققاً نتائج باهرة، حيث تجاوز الناتج المحلي الإجمالي 126 تريليون يوان بزيادة %5.2 على أساس سنوي، وصنفت نسبة النمو مع الاقتصادات الكبرى في العالم، وساهمت بأكثر من 30% في النمو الاقتصادي العالمي.
وعلى الصعيد النوعي حقق أيضاً تحسناً فعالاً في الجودة، فالصناعات الناشئة تزدهر بوتيرة متسارعة وتشكل قوى إنتاجية جديدة، وتم التشغيل التجاري للطائرة الكبيرة صينية الصّنع 919 ،C، وبُنيت السفينة السياحية الكبيرة صينية الصّنع أيضاً بنجاح، وجُنيت نتائج الابتكار في المجالات المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الكم بشكل متواصل.
وقد حدّد تقرير عمل الحكومة الهدف المتوقع للنمو الاقتصادي بنحو %5 في عام 2024.
وقد رفع صندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية توقعاتهما للنمو الاقتصادي في الصين بنسبة %0.4 و%0.1 على التوالي، كما يرى المجتمع الدولي علامات إيجابية للتحسن طويل الأمد للاقتصاد الصيني.
وبالتوازي فإنّ الدبلوماسية الصينية منفتحة وواثقة، وتقترح حلولاً صينية للحوكمة العالمية، ففي كانون الأول من عام 2023، انعقد مؤتمر العمل المركزي للشؤون الخارجية في بكين، وقدّم المؤتمر خطة الصين لنوع العالم الذي تأمل الصين أن يتم بنائه، مشدّداً على أنها ستعمل مع جميع البلدان لبناء مجتمع مصير مشترك للبشرية.
وأشار وانغ يي، عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني- وزير الخارجية، إلى أنه ينبغي تحقيق التعددية العالمية القائمة على المساواة والانتظام، والعولمة الاقتصادية القائمة على ضمان المنفعة للجميع والتمسك بالمساواة بين جميع البلدان مهما كانت كبيرة أو صغيرة، ومعارضة الهيمنة وسياسات القوة، لافتاً إلى أنه يجب على جميع الدول الالتزام بشكل مشترك بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، والالتزام بالمعايير الأساسية للعلاقات الدولية، وممارسة التعدّدية الحقيقية.
وتركز الصين على أنه لم يعد من الممكن السماح لبعض الدول الكبرى باحتكار الشؤون الدولية وتقسيم الدول إلى فئات مختلفة على أساس ما يسمى بقوتها ومكانتها.
وتصرّ الصين على معارضة جميع أشكال الأحادية والحمائية، وتعزز تحرير وتسهيل التجارة والاستثمار، لحل المشكلات الهيكلية التي تعيق التنمية الصحية للاقتصاد العالمي، كما تلتزم الصين بتعزيز تنفيذ مبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمي ومبادرة الحضارة العالمية، وتعميق وتوسيع الشراكات العالمية، ولعب دور نشط وبنّاء في حل القضايا الساخنة الدولية والإقليمية، مقدمةً مساهمات هامة لتعزيز السلام والتنمية في العالم.
أصبحت الصداقة بين الصين وسورية أقوى مع مرور الوقت، كما أن التعاون بين البلدين يتمتع بآفاق واسعة.
وبخصوص العلاقات مع الجانب السوري، فإن الصين تعتبر سورية صديق حميم وأخ وشريك لها، وكانت زيارد السيد الرئيس بشار الأسد للصين في العام الماضي خير تعبير على متانة العلاقة التي كللت باجتماع تاريخي مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، وأعلانهما تأسيس شراكة استراتيجية صينية- سورية، ما ينعكس إيجاباً على التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين.
كما تؤكد الصين دعمها وبقوة لسورية في حماية استقلالها الوطني وسيادتها وسلامة أراضيها، معارضةً بشدة لأي تدخل في شؤونها الداخلية، وداعيةً إلى الوقف الفوري للوجود العسكري غير الشرعي على أراضيها، ونهب الثروات السورية، ورفع العقوبات أحادية الجانب غير القانونية المفروضة عليها.
وتولي الصين كل الأهمية لجهود التنمية وإعادة الإعمار وتحسين معيشة الشعب السوري، وتدعو المجتمع الدولي إلى تقديم المزيد من المساعدة الفعّالة للشعب السوري، وفي بداية هذا العام، أقيم حفل تسليم الدفعة الأولى من مشروع المساعدات المقدم من الحكومة الصينية لمعدات الاتصالات في سورية بنجاح، حيث ستوفر المعدّات المعنية خدمات اتصالات لـ700 ألف شخص وتلبي احتياجات الشبكة لـ1.5 مليون شخص، الأمر الذي يساعد في تطوير خدمة الاتصالات السورية وتحفيز الطلب المحلي والتشغيل، ودعم سورية بقوة لتحسين ظروف معيشة الشعب السوري.
بدورها أعلنت سورية عن انضمامها إلى “المبادرة العالمية لحوكمة الذكاء الاصطناعي” التي اقترحتها الصين، وهي تفسير حي للجهود المشتركة بين الصين وسورية لبناء مجتمع مصير مشترك للبشرية.
إلى ذلك تؤكد الصين رغبتها في العمل مع سورية لمواصلة تعزيز مواءمة استراتيجيات التنمية، والعمل المشترك على تعزيز البناء المشترك عالي الجودة لـ”الحزام والطريق”، وتسريع عملية إعادة الإعمار في سورية، حيث تعود نتائج هذا التعاون بالنفع على الشعبين بشكل أفضل.
لقد كوّنت قوة استقرار في هذا العالم المضطرب، مدركةً أن المهمة الأساسية اتكمن في التنمية عالية الجودة، وستوسع بثبات الانفتاح رفيع المستوى على العالم الخارجي، وتعزز التحديث الصيني النمط بشكل شامل، وتتقدم مع سورية في الرحلة الجديدة لبناء مجتمع مصير مشترك للبشرية.
شي هونغ وي – سفير الصين في سورية