“القدس في عيوننا” و”إليها نشدّ الرحال وعليها نعقد الآمال”
حلب – غالية خوجة
أقامت مديرية الثقافة و”مؤسسة أرض الشام” وفرع اتحاد الفنانين التشكيليين في حلب، ملتقى اليوم العالمي للقدس ببرنامج موزّع على ستة أيام.
وفي حديث لـ “البعث”، أكد عماد الدين غضبان عضو قيادة فرع حلب لحزب البعث العربي الاشتراكي، رئيس مكتب الإعداد والثقافة والإعلام، أن القدس عربية النشأة منذ آلاف السنين، وهذا ما يعرفه العالم أجمع، وهذه الفعاليات تعكس الانتماء الروحي والوطني، وتساهم بأشكال ثقافية وفنية في مسيرة الحق الفلسطيني المنتصر”.
وجاء معرض الرسم لطلاب مركز فتحي محمد للفنون التشكيلية في صالة تشرين نتيجة الورشة، بعنوان “القدس في عيوننا”، وعبّر الطلاب المشاركون بثلاثين عملاً عن انطباعاتهم عن ما يجري في فلسطين، بتصويرية ورمزية تعبيرية.
وأخبرتنا وفاء علايا مديرة المركز أن الطلاب المشاركين هم من الدورة الثالثة والرابعة، وينتمون إلى أقسام عدّة منها التصوير والإعلان والتصوير الزيتي والاتصالات البصرية، كما أكدت الفنانة لوسي مقصود أن طلابها في قسم الاتصالات البصرية كان لديهم الدافع للتعبير عن يوم القدس العالمي، ولكل مشارك إحساس مزجه باللون الداخلي لذاته واللون الموضوعي لما يحدث وذلك بتقنيات متنوعة منها الزيتي والإكريلك والكولاج.
“الجلجلة” عنوان لوحة شاركت بها الطالبة باهرة أحمد جراب (47) عاماً التي نقول: “رسمت اللوحة برمزية درب الآلام وعمقه القديم في فلسطين كتراث عربي وديني وإنساني من خلال رمزية الرجل الفلسطيني الذي صار المسجد الأقصى، معتمراً الكوفية تحت القبة اللامعة، وحاملاً شجرة زيتون وفواكه الأرض من ليمون وبرتقال”.
أما ياسمين محمد (21) عاماً، طالبة فلسفة، فترتدي الأسود وتضع الكوفية الفلسطينية على رأسها ورأس شخوص لوحتها، وتوضّح : “أردت التعبير عن الدم الفلسطيني في هذه اللوحة، موظفة اللون الأحمر لنوافذ وأبواب البيوت المقدسية والمسجد الأقصى والحجر المستقر في كف المرأة الفلسطينية”.
بدورهم، أقام طلاب مؤسسة “المميزون” التعليمية معرضهم التشكيلي المعنون بـ”صوت وألوان” في صالة الأسد للفنون، ورسموا صورَ الأصوات من خلال 50 لوحة، معبّرة عن الأحداث المعاشة في فلسطين، بإشراف الفنان زاوين برداقجيان المشارك بلوحة عن آثار الحروب على الأوطان والإنسانية وتماوج هذه الآثار بلهيبها وآلامها ورمادها تماوجاً ترابياً بلون الأرض والإنسان المتجذر معها وكأنها “لوحة الشهداء”، والذي حدثنا عن البعد الفني في هذا المعرض بالقول: “إلى جانب اهتمام المؤسسة بالتعليم، تهتم بالفنون، ومن هنا كانت فكرة المعرض الجديدة، وغايتها إعطاء تأثيرات اللعبة الإعلامية المنبثقة من ذهننا حول غزة والقدس وفلسطين عموماً، لأن التأثيرات الارتجاعية للعبة الإعلام المضادة تشكّل أصواتاً في دواخلنا تتصارع مع الحقيقة التي يعرفها العالم عن فلسطين العربية، والدماغ الإنساني متسع والذهن أوسع وأسرع وأكبر من أي فضاء، ومن الممكن أن تنفجر فيه الأفكار، وهذا ما عبّر عنه الطلاب الفنانون”.
والملفت أن معرض “صوت وألوان” تميّز بمقاربات إبداعية متنوعة بين الهدوء العميق وصورته الباحثة عن الطمأنينة والسلام من خلال حالات درامية منوعة منها دراما بحرية، ترابية، هوائية، نارية، طبيعية، أرضية، فضائية.
وبالسؤال عن فكرة المعرض وغايتها، أجابنا الفنان إبراهيم داود أمين سر فرع حلب لاتحاد الفنانين التشكيليين: “بإمكاني تلخيصها بأن الإنسان فنان، ولا يعني أنه رسام فقط، بل هو فنان في كل مجالات الحياة، لأنه قادر على استخراج مكنونه في الأعمال المتنوعة، ومن هنا، عبّر كل فنان من الطلاب عن دواخله بطريقة إصغائه لها، ورسمها لونياً، ولذلك، بإمكاننا قراءة شخصية الإنسان من أعماله، من اللوحة مثلاً، فالدوامة تدل على حياة الشخص في دوامة داخلية وخارجية، وضمن هذا السياق، عبّر المشاركون من أجيال مختلفة طلاباً وإداريين عن الحالة النفسية بتجريدية لونية تحكي عن داخلنا الملون والمقروء من خلال اللوحات بمخزونها بين ثقافة الذات والحياة”.
ورأى عبد الكريم عبيد مدير المركز الإعلامي والتلفزيوني في حلب، عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الصحفيين في سورية أن الهواجس الداخلية للفنانين المشاركين والمختزلة بالانتصار من خلال الألوان المتفائلة المنتمية للوطن والمدرسة التجريدية المحاكية للواقع الراهن في فلسطين والبطولات المجسدة على أرضها.
وعن تجربته في لوحته، واختياره الأبيض والأسود، حدثنا الطالب عمران برغل: “شعرت بأن هذين اللونين أكثر تعبيراً عن إحساسي الداخلي المقهور مما يجري في الواقع تجاه الصراع في فلسطين، فالشعب الفلسطيني هو اللون الأبيض الذي مهما عانى سينتصر”.
واختتم الملتقى بندوة ثقافية أقيمت بالمركز الثقافي العربي في نبل بعنوان “القدس الشريف إليها نشد الرحال وعليها نعقد الآمال”، وناقشت محاور ثلاثة، الأول: “هوية القدس العربية والمقدسات الدينية” للدكتور حسن عمورة، والثاني: “القدس (التاريخ ـ الاحتلال ـ المقاومة) للدكتور عصمت بوابة، والثالث: “فلسطين في القانون الدولي” للكاتب سلوم سلوم أمين سر مجلس الشعب.
مدير الندوة الباحث وضاح سواس، رئيس مجلس إدارة مؤسسة “المميزون” التعليمية الخاصة، ومستشار في مؤسسة أرض الشام، قال لـ”البعث”: “نحيي يوم القدس العالمي منذ عام 1979، وتتنوع الفعاليات بين معرضين وندوة، وتغلب على لوحات المشاركين في “صوت وألوان” من “المميزون” التجريدية المعبّرة عن واقع القدس وغزة وطوفان الأقصى من خلال الأصوات الداخلية، وكذلك تتميز لوحات معرض “القدس في عيوننا” بتصويريتها التعبيرية المنتمية لفلسطين ورموزها وحالاتها ومعاناتها، وستجول أعمال المعرضين في دمشق وعدد من المحافظات”.
بدوره، قال سمير نجيب المحامي المشارك في الندوة لـ”البعث”: “محاولات الاحتلال لطمس معالم القدس وجذورها العربية والإسلامية واضحة من خلال فرض قوانين مزيفة تتبنّاها المنظمات الدولية ومنها الأمم المتحدة، وتصاعدت هذه الصراعات بعد الاحتلال الثاني الصهيوني للقدس عام 1967، وأصبحت الفرصة متاحة لتزييف الحقائق الحقوق وتشويهها، وبدأ الصراع العربي ـ الصهيوني في الجانب القانوني دولياً لحماية التراث حيث قدمت المنظمة العربية الإسلامية كل الوسائل التاريخية المؤكِّدة لعروبة القدس والداحضة للمزاعم الصهيونية”.