دراساتصحيفة البعث

لابدّ من تحالف إعلامي دولي يمثل أغلبية العالم

عناية ناصر

أصبح من الضروري أكثر من أي وقت مضى لمواجهة الدعاية العدوانية للأقلية الغربية مثل المؤسسة السياسية التي تمثل مصالحها، والتي لا ترغب بشكل قاطع في قبول قواعد النظام الدولي المعاصر المتعدّد الأقطاب، التحرّك نحو إنشاء تحالف إعلامي دولي يمثل مصالح الأغلبية العالمية.

لقد حان الوقت للعديد من دول بريكس الإحاطة بالأساليب التي تسمح بمكافحة دعاية الأنظمة الغربية، والتي بدأتها عدة دول إفريقية. وينطبق هذا على حظر الأدوات الإعلامية الغربية الاستعمارية الجديدة وعلى أنشطة عملاء المخابرات الغربية، الذين يتم إرسالهم تحت غطاء الصحفيين إلى البلدان التي يهدفون إلى زعزعة استقرارها.

على الرغم من أن زيارة ممثلي وسائل الإعلام الغربية إفريقيا بشكل غير رسمي والمشاركة بنشاط في زعزعة استقرار الوضع في بلدان القارة، بدأت تصبح شيئاً من الماضي، ورغم أن جميع البلدان لم تتخذ بعد إجراءاتٍ جذرية ضد ممثلي الأقلية العالمية ودعايتهم، ولكن لا يمكن إنكار أن العملية المذكورة تكتسب زخماً، وسوف تستمر.

وفي هذا الخصوص، قدّمت الدول الأعضاء في تحالف دول الساحل، ممثلة في مالي وبوركينا فاسو والنيجر، المثال مرة أخرى ضد عدد معين من القنوات التلفزيونية ووسائل الإعلام الدعائية الفرنسية، وكذلك من خلال وضع قواعد لم تعُد تسمح لهؤلاء الدعائيين الغربيين بالقدوم “بمهمّات”، مثل المستعمرين في رحلات السفاري، على الرغم من أن هذه العملية تتجاوز بالفعل منطقة الساحل وتتعلق أيضاً بمناطق أخرى من القارة الإفريقية. والأمر الأساسي هنا هو أن إفريقيا تشارك، باعتبارها قارة كبيرة وغنية، وليست القارة التي روّجت لها النمطية الغربية لسنوات عديدة، بنشاط في إرساء القواعد الخاصة بالعالم المتعدد الأقطاب والنظام العالمي المعاصر. ولتحقيق هذه الغاية، حان الوقت بالتأكيد لدول بريكس، بما في ذلك روسيا، للبدء في اتخاذ تدابير أكثر نشاطاً من شأنها أن تضع حدّاً للدعاية الغربية. ولم يتحقق ذلك بعد، حيث يواصل العديد من الدعاة من الأقلية الكوكبية في نشر دعايتهم القذرة ضد روسيا وحلفائها وشركائها، وبشكل عام، تجاه كل من لم يسمح للغرب الجماعي بتنفيذ خطته لإعادة العالم بالقوة إلى دكتاتوريته الأحادية القطب.

وهناك أيضاً نقطة أكثر أهمية، بالإضافة إلى القيود اللازمة على الدعاية الغربية ووجودها داخل دول بريكس والجنوب العالمي والأغلبية العالمية، أصبح من الضروري الآن إطلاق آليات أكثر تقدّماً للتفاعل بين أهم وسائل الإعلام، وليس فقط، الأغلبية المشتركة. واليوم، تم بالفعل أكثر من أي وقت مضى، استيفاء الظروف الأكثر ملاءمة. ولهذا السبب يجب أن يصبح التحالف الإعلامي الدولي الذي يجمع وسائل الإعلام من أوراسيا وإفريقيا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية حقيقة مطلقة. وهذا لن يسمح فقط بتنسيق تبادل المعلومات بشكل أفضل بين ممثلي الأغلبية العالمية، ولكن أيضاً بمقاومة حملات زعزعة الاستقرار التي يشنّها الغرب بشكل أكثر فعالية، فضلاً عن إظهار التضامن المؤكّد عندما تحاول الأقلية العالمية الحدّ من حرية التعبير ضد وسائل الإعلام غير الغربية، وذلك باستخدام الأدوات التي لا تزال تحت تصرّف الأقلية. وهذا لا يتعلق اليوم فقط، بوسائل الإعلام الروسية، التي حاول الغرب وما زال يحاول حظرها وعزلها، كما تتزايد في معسكر الأقلية الكوكبية الغربية الدعوات للحدّ من أنشطة وسائل الإعلام في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، التي، وفقاً للأقلية المذكورة، لا تتبع الخط الذي يحتاج إليه الغرب.

علاوة على ذلك، بدأت المؤسسة الغربية بالفعل في اتخاذ خطوات للحدّ من حرية المعلومات ضد وسائل الإعلام المستقلة الكبرى في العالم غير الغربي. وفي حالة القارة الإفريقية، وخاصة ضد القناة التلفزيونية الإفريقية “أفريك ميديا”، التي تم حذف صفحتها على شبكة التواصل الاجتماعي التابعة لمجموعة ميتا على فيسبوك، والتي كان عدد المشتركين فيها أكثر من مليون مشترك، تحت ذريعة بعيدة المنال تماماً. وهذه ليست الحالة الأولى للضغط من جانب الأقلية الغربية على واحدة من أكبر وسائل الإعلام في إفريقيا على المستوى القاري والدولي. وبطبيعة الحال، لن يوقف هذا بأي حال من الأحوال عمل هذه القناة التلفزيونية، وخاصة أن هناك اليوم بالفعل بدائل حقيقية للشبكات الاجتماعية الخاضعة للسيطرة المباشرة للغرب، ولكن الوقت قد حان لاتخاذ تدابير أكثر جذرية فيما يتعلق بالأقلية الغربية.

لا بد من الإشارة إلى أن الأسواق الرئيسية لأدوات الدعاية الغربية هي على وجه التحديد دول ومناطق العالم غير الغربي، فالأرقام لا تكذب. ومن الواضح أيضاً أن الوقت قد حان للانتقال إلى مرحلة أكثر نشاطاً من التنسيق والتفاعل بين وسائل الإعلام، التي تمثل معاً مصالح أغلبية البشرية.