قطع الطريق!
بشير فرزان
يتأهب الشارع السوري عامة والبعثي خاصة لمرحلة جديدة في الحياة البرلمانية التي تمّ تحديد موعد انتخاباتها في 15 تموز القادم، حيث سيبدأ الحراك الانتخابي بتقديم أوراق الترشح التي تعيد إلى أذهان الناس تجارب الدورات الانتخابية السابقة بكلّ زخمها الانتخابي ومالها الانتخابي الذي يتدفق بقوة إلى داخل صناديق الاقتراع رغم كلّ المحاولات التي تمّت، أو تلك التي سنشهدها في الاستحقاق القادم.
ولا شكّ أن المخاض الانتخابي الذي يتكرّر كل أربع سنوات ليس عقيماً بالمطلق على الساحة الديمقراطية، فهناك الكثير من النتائج الإيجابية التي تمثّل خيارات صحيحة، سواء على المستوى الحزبي أو على المستوى الشعبي، وهناك دائماً أوراق خارج أي بازار أو صفقة انتخابية، وهناك انتصار وبنسب عالية للوعي الشعبي والحزبي بما ينتج تمثيلاً برلمانياً صحيحاً ومعبّراً عن تطلعات الناس والجماهير الانتخابية التي تخضع لاحتمالات الخطأ والصواب والوقوع تحت تأثير المال الانتخابي، وهنا نبني الكثير من الآمال على أن التجربة الانتخابية القادمة ستكون مختلفة عن سابقاتها، وخاصة التجربة الماضية التي كان هناك العديد من الإشارات الاستفهامية حول الفائزين بالمقاعد، سواء ما يخصّ البعثيين أو الأحزاب الأخرى والمستقلين، والذين يشتركون جميعاً رغم اختلاف مشاربهم الايديولوجية والعقائدية والحزبية والسياسية والشعبية في قوة نفوذهم المالي، واستطاعوا طيّ الصفحات السوداء في حملاتهم الانتخابية وتبيض أسمائهم التي لم تستطع الحقائق ومذكرات الإدانة المختلفة إطفاء بريقها أو حتى تثقيل نجاحها اللافت والمثير للاستهجان الشعبي والرسمي على حدّ سواء.
ولم تختلف الوقائع على الساحة البعثية بدءاً من نتائج الاستئناس وانتهاءً بنتائج فرز الأصوات، حيث لم تخلُ من الأخطاء التي تقع فيها الكثير من الأحزاب، وأدّت إلى تراجع دور حزب البعث في بعض المراحل، وعزوف البعض عن الانخراط في تحمّل المسؤوليات الوطنية والحزبية وخسارة العديد من الكوادر الكفؤة التي رأت في تلك الأخطاء ابتعاداً عن أخلاقيات الحزب وقيمه وربما انحرافاً عن أهدافه. وهنا لا بدّ من التأكيد على أهمية عملية “قطع الطريق” أمام الكثير من أوراق الترشح الممهورة بالإدانات قبل وصولها إلى مرحلة الاقتراع النهائي، وذلك من خلال التدقيق والتمحيص في الذاتية الشعبية للمرشحين.
ولا شكّ أن التعلّم من دروس وتجارب الماضي بات اليوم أمراً حاسماً لإنجاح الاستحقاقات على كافة الصعد، وخاصة مع الخطوات التي شهدتها الساحة البعثية وانتجت قيادة مركزية جديدة يقع على عاتقها الكثير من المسؤوليات، وفي مقدمتها منع انكفاء القواعد عن تحمّل مسؤولياتها وممارسة حقها وواجبها في الترشح والانتخاب، والمشاركة في إيصال القيادات الكفؤة لتمثيلها في المواقع الحزبية أو في المؤسسات الوطنية المنتخبة.
ومع ترقب الشارع السوري وانتظار البعثيين بدء عمليات تحديد مرشحي الحزب لانتخابات مجلس الشعب، يبقى الرهان على ما يمكن لهذه العملية تحقيقه في مسارات بما تمثله الديناميكية والتطور والقدرة على التكيّف والانطلاق نحو المستقبل، وإتاحة الفرصة للرفاق الحزبيين لتحديد خياراتهم ومرشحيهم بكل شفافية ومسؤولية. وبالتالي وكما قال الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي الرفيق بشار الأسد “إن مشاركة كلّ رفيق حزبي في هذه العملية ستساعد في اختيار الحزب للمرشحين الأكثر كفاءة لحمل هذه المسؤولية، ما يجعل المشاركة الفعّالة للرفاق الحزبيين في انتخاب أعضاء مجلس الشعب، واجباً ومسؤولية في آن معاً ملقاة على كلّ رفيق، والخيارات الصحيحة هي التي تؤدي إلى النتائج المرجوة، فاختاروا الأصلح والأنسب ولا يكونَّن في حسبان أي أحد أي اعتبارات غير الاعتبارات الوطنية.. اختاروا بعيداً عن أي ولاءات ضيّقة”.