ثقافةصحيفة البعث

إسماعيل عمار: بعض الشعراء يزحف على أقلامه جوعاً مادياً لا فكرياً

طرطوس ـ هويدا محمد مصطفى

 

شاعر يفتح شباكه على قوافي اللغة ويقف على مشارف الإبداع لنجد نصه الشعري يفيض بالحيوية والانفعال كتب جميع الأنماط الشعرية وتميز بالشعر المحكي والزجل، استطاع تشخيص الواقع بطريقة درامية وبإنتاج شعري مميز الشاعر إسماعيل عمار يرتب حروفه ويعلن عن فضاء البوح من خلال هذا الحوار.

يرى عمار أن الشعر المحكي هو اللهجة الدرامية للمجتمعات وهو بحر زاخر بالأمواج فوق العادية، إذ يستطيع الشاعر الحق أن يبحر في القصيدة في محيطات الأحاسيس والتعبير عن جميع الحالات هكذا كانت  البدايات حين ألقيت قصيدة في الثانوية وكانت وطنية بمناسبة الحركة التصحيحية المجيدة.

وأبدى عمار رأيه بقصائد اليوم وأنواعها بالقول: “إن القصيدة تبدأ بالكلمة والكلمة الجميلة هي شعر والبعض يجد القصيدة الحرة فيها أفق واسع بعيداً عن القوافي والأوزان كما في قصيدة التفعيلة، فالشعر هو الكلمة التي تجعل المتلقي يقفز عن الكرسي وفي عينيه منظر الجمال والدهشة وموسيقى اللحن العذب، وبالنسبة إلى الخاطرة هي تعبير مختزل عن حالة ما أو قصة مجتزأة”، وكلاهما عند الشاعر أو الكاتب الحق غرسة باسقة تؤتي ثمارها الناضج، أما قصيدة الزجل فيقول عنها: “هي نبع من فكر وفكر من غدير، وهي السهل الممتنع، والتبسيط المعقد للكلمة، وأنا أعشق الزجل، لأنه يدخل في طعامي وشرابي وعشقي وآلامي وأفراحي ووجداني وفي حزني، ووطني الذي أهواه”، لكنه يوضح أنّه لا يكتب القصيدة مرغماً أو مكرهاً، فالقصيدة هي انطلاقة إحساس أو تعبير عن حالة معينة لا فرضاً أو واجباًعلينا كتابته، وهي إلهام ومعاناة وخبرة الشاعر في خدمة الحرف لليراع وليس اليراع عبداً للحرف، ويقول في الواقع وتأثيره على النص الشعري: “هناك فترات زمنية متقطعة فيها كل ألوان الحياة من حزن وفرح وفراق ودمار، فكتبت عن الوطن وآلامه، وكتبت عن الشهيد والفقر وعن حالات إنسانية، كتبت عن الوفاء وعن معاناة أبناء بلدي، وكان الواقع حاضراً بكل تفاصيله، فكلما كان النص الشعري قريباً من الواقع يلقى اهتمام المتلقي”.

وأبدى عمار رأيه بشعر اليوم بقوله: “لا أستطيع إطلاق كلمة شاعر على كل من كتب كلمات ليس لها معنى، وبعض الشعر هو سرقة، والبعض الآخر ليس له نكهة في الحرف ولا صور جمالية والبعض شعراء ترفع لهم القبعة، ولكل شاعر خصوصيته، فالشعر عندي فيه نوع من فلسفة الحياة ومنطق الخيال”، ويضيف: “أما بالنسبة إلى الشعراء الشباب فأتمنى أن يكونوا على مستوى الكلمة وحرية الفكر والابتعادعن التبعية والتقليد والإيجاز في القصيدة والوصول إلى الإبداع والتميز”.

تحضر المرأة في النص الشعري عند عمار، فهي آلهة الخصب ومنبع الرقة، لكنه يوضح: “هناك فرق بين المرأة والأنثى بتعريفي، المرأة وجود طبيعي والأنثى قيمة إضافية وهبها الله لتتربع على قلوب الرجال الذين يستطيعون فهم أنوثتها، لقد كتبت الكثير للمرأة وهي التي أعطت لشعري رائحة الجوري، وعطر العنبر وسواقي الخمر والعسل، كتبت نثراً وتفعيلة وشعراً محكياً.

وبالسؤال عن تأثير المال على الشعر والشعراء، يجيب عمار: “بعض الشعراء يزحف على أقلامه جوعاً مادياً لا فكرياً، في وطننا لا قيمة للشعر حتى ولا للشعراء، فراقصة واحدة تجمع ما يكتسبه شعراء الوطن العربي كلهم.. أنا عندما أكتب لا أبيع معاناتي ولا يراعي لأحد.. شعري ملك للجميع ومن دون مقابل، فالشاعر هو مرآة الناس”.

وحول اللغة والثقافة، حدثنا عمار بالقول: “هناك اختلاف على مفهوم اللغة، فالشعراء أو الأدباء الذين أدعوهم بالمتطرفين يشددون على أن اللغة هي مجرد تمثال أقيم على أرواح الأجداد ويجب الحفاظ عليها، وأنا إذا أعددت نفسي بين أولئك المثقفين أهوى اللغة العربية المبسطة التي لا تحتاج إلى قواميس ونواميس وقراطيس، عند ذلك سنقع بين حيص وبيص، لكن هناك أسباب كثيرة لتدني مستوى الثقافة منها العصر الذي أدخلت فيه اللغات الإفرنجية والمصطلحات العصرية، بالإضافة إلى عدم إعطاء اللغة حقها في المدارس والجامعات وحب تعلم لغات أخرى من أجل كسب العيش في الخارج، فليس هناك شعر بلا ثقافة ولا ثقافة من دون كتاب”.

شارك عمار بملتقيات عدّة وهو الآن أمين سر منتدى “أنترادوس” بالتشاركية مع رابطة المحاربين القدماء، يقول: “قمنا بنشاطات ثقافية عديدة، ولنا نشاطات قادمة، وأرى أن الإعلام مقصر في إبراز الفعاليات والنشاطات إلا لمن له حظوة، نتمنى أن يكون للأجيال القادمة بصمتها الخاصة، وهذا يحتاج إلى جهد وعناية، فالشعر والأدب هو نتاج المطالعة غير الـ”فيسبوكية” والثقافة الورقية”.