مقترحات بايدن حول غزة تزيد الانقسام الإسرائيلي
تقرير إخباري
يبدو أن مسارعة الرئيس الأمريكي جو بايدن لطرح مقترحات لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة، إنقاذ لنفسه، وخاصةً أن انتخابات الرئاسة الأمريكية على بعد أشهر قليلة وحظوظه في الاحتفاظ بمنصبه تتراجع مع كل مجزرة جديدة ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي بسلاح وذخيرة أمريكية، وإنقاذ لقادة كيان الاحتلال الإسرائيلي من أنفسهم، بعد أن دفعهم غرورهم وعجرفتهم، إلى عدم لحظ أن الوضع الدولي يتغير بشكل متسارع وأن العزلة الدولية ستلاحق كيانهم وداعميه، فهم لا ينظرون بجدية لملاحقات المحكمة الجنائية الدولية لرئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو ووزير حربه يؤاف غالانت، التي قد تتوسع لتشمل مسؤولين إسرائيليين آخرين، وحتى أجانب داعمين للإبادة الجماعية الجارية في غزة، ويظنون أن أوامر محكمة العدل الدولية بوقف الهجوم على رفح ووقف إطلاق النار غير ملزمة، فهم ما زالوا ينظرون إلى العالم نظرةً تعود إلى مرحلة ما بعد سقوط الإتحاد السوفييتي، وسيادة القطبية الواحدة بزعامة واشنطن، وأن الحماية والدعم الأمريكي غير المحدودين سيمنحاهم غطاء لجرائمهم ويحمياهم من أي خطر.
ومع الإنهاك الذي لحق بجيش الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه المستمر منذ تسعة أشهر، ومع الاعتراف بفشل “إسرائيل” في تحقيق أيً من أهدافها الأربعة التي وضعتها لنفسها في بداية العدوان، وضع نتنياهو نفسه في موقف لا يحسد عليه، فهو وافق على خطة بايدن التي تعني استسلام “إسرائيل” وقبولها بالشروط التي وضعتها المقاومة الفلسطينية منذ بداية العدوان في مقابل إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، باعتراف ما يسمى وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير، الذي اعتبر أن المقترحات “هزيمة كاملة” لمصلحة المقاومة، وهدد نتنياهو بتفكيك حكومة الاحتلال إن هو واصل العمل عليها.
وفي المقابل، تراجع نتنياهو عن مقترحات بايدن يعد بمنزلة “حكم بإعدام الأسرى” كما قال رئيس وزراء حكومة الاحتلال السابق يائير لابيد، الذي أردف: إن “ذلك سيؤدي إلى أزمة ثقة مع الأمريكيين والدول الوسيطة”، كما أنه سيدفع إلى استمرار العدوان لسنوات طويلة، وهو ما أشار إليه المحلل العسكري الإسرائيلي ألون بن دافيد حين توقع أن “تبذل الحكومة الإسرائيلية كل ما بوسعها لكي نخوض الحرب ونحن في حالة من العزلة، وأضعف مما مضى”.
هذه الانقسامات الداخلية في “إسرائيل” ومقترحات بايدن التي أججتها، ما كانت لتحدث لولا الصمود البطولي للمقاومة الفلسطينية وإيقاعها خسائر فادحة في صفوف قوات الاحتلال الإسرائيلي، في مقابل الانتقام العشوائي والهمجي لجيش الاحتلال من المدنيين وارتكاب مجازر إبادة جماعية بحقهم حركت شعوب العالم للضغط على قادتها لإيقاف هذا العدوان بأي ثمن، وهذا الثمن سيكون استسلاماً إسرائيلياً وانتصاراً للمقاومة ومحورها في الجوار والإقليم الذي ساندها قولاً وفعلاً، وهو الأمر الذي سيغير مستقبل المنطقة، لا كما توعد نتنياهو في بداية العدوان، وإنما كما تتوق شعوبها ويليق بتاريخها وحضارتها.
إبراهيم ياسين مرهج