صحيفة البعثمحليات

الاستئناس والخيارات المكررة!

بشير فرزان 

مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية في 15 تموز القادم، بدأت أسماء وصور المرشحين لعضوية مجلس الشعب للدور التشريعي القادم بالظهور على صفحات التواصل الاجتماعي، وخاصة من البعثيين الذين ينتظرون تحديد موعد للاستئناس الحزبي الذي من المتوقع أن يكون في بداية الأسبوع القادم، حيث يدخل الحزب  الانتخابات هذا العام بمرشحين يتمّ اختيارهم من خلال مؤتمرات موسّعة لفروع الحزب، أي عبر عملية “الاستئناس” التي تقوم على تصويت البعثيين فقط على مرشحيهم لمعرفة الأكثر شعبية في صفوف الحزب، وينتج عن هذا التصويت قائمة تختار منها قيادة البعث مرشحيها.

وطبعاً الظفر بمقعد نيابي وكثرة الطامحين لهذا الهدف ستزيد من سخونة المنافسة في الاستئناس، خاصة وأن عدد المرشحين المشاركين في المعركة الاستئناسية كبير، وبالتالي خيارات الناخبين هي الفيصل في تحديد أسماء الناجحين في النهاية، وهذا ما يجعل جميع المشاركين أمام مسؤولية إثبات قوة الحزب من خلال التصاقه بقواعده الحزبية وتمثيله لأوسع الشرائح الشعبية وتعبيره عن تطلعاتها، وهي في الوقت ذاته دليل دامغ على ديناميكية البعث وتطوره وقدرته على التكيّف والانطلاق نحو المستقبل.

ولا شكّ أن حالة الترقب السائدة لعملية الاستئناس تفسح المجال واسعاً أمام العديد من التساؤلات حول هامش حرية المال الانتخابي في هذه المعركة، ومدى مشروعية حضوره وتأثيره في توجّهات الناخب البعثي وكيفية التعاطي معه من قبل قياداته الحزبية، وخاصة لجهة المؤازرة العلنية أو الخفية، هذا إلى جانب قدرة المؤسسة الحزبية على الحدّ من مدّ العصبية والقبلية والمناطقية وغيرها من الحالات التي كان لها دور سلبي في تحييد الخيارات الصحيحة وإبعاد الكثير من الأسماء عن قوائم النجاح.

ومن الأسئلة الملحّة في هذا الاستحقاق ما يتعلّق بالأسماء المكرّرة في دورات المجلس، والتي باتت أشبه بالقدر الذي يسيطر على كلّ العمليات الانتخابية، وخاصة مع امتلاكها للعديد من الأدوات الانتخابية الناجحة، سواء لجهة المال أو لجهة السلطة، وهذا ما يسلتزم التوقف عند هذه الحالات التي لابدّ من امتحان التزامها البعثي والتوجيه بإفساح المجال للكوادر البعثية التي لم تتح لها الفرصة في أي استحقاق سابق.

فهل ستكون انتخابات عام 2024 لمجلس الشعب علامة فارقة في مسيرة التجديد البعثي، خاصة وأن البعض فقد ثقته بإمكانية إحداث تغيير جوهري في أداء المؤسسات البعثية، إلا أن ذلك لا يلغي أن الفرصة لا تزال متاحة أمام الحزب ليفعل ما يعيد ثقة جهازه والشارع بصفة عامة به، ويفرض نفسه كسلطة مؤثرة وفاعلة في الحياة العامة وفي إدارة المؤسسات العامة لذلك.

ومن الضروري أن يدقّق الحزب ويراجع كثيراً من الملفات التي أثيرت حولها شبهات الفساد والتجاوزات، ومثل هذه الخطوة ستساعد على تصحيح ميزان الخيارات ووضع معالم وركائز ثابتة في معركة الاستئناس القادمة. فهل تشهد الجولة الانتخابية قرارات حاسمة على مستوى الخيارات، بحيث تقدّم القيادة المركزية الجديدة نفسها كصانع للاقتراحات والسياسات على المستوى الداخلي للحزب، وأنها قادرة على المحاسبة والتدخل لتصحيح الأمور وإعادتها إلى نصابها المحدّد بالنظام الداخلي وبالفكر الذي قامت عليه مبادى الحزب؟