دراساتصحيفة البعث

القائد المؤسّس حافظ الأسد.. الداعم الأوّل لحركات المقاومة

د.معن منيف سليمان

يعدّ القائد المؤسّس حافظ الأسد أحد أهم الرؤساء العرب الذين قدّموا الدعم لنواة حركات المقاومة في فلسطين ولبنان، عبر تقديم كل أشكال الدعم المادي والمعنوي والسياسي، بهدف تحقيق إرادة الشعب العربي في التحرّر من الاحتلال الإسرائيلي والتصدّي للمشاريع الأمريكية في المنطقة.

لقد قُدّر لسورية أن تقدّم لفلسطين أعظم رجلين رفعا راية فلسطين عالياً، وحملا شعلة المقاومة فيها، فأما أحدهما فكان عز الدين القسام، وأما الآخر فكان حافظ الأسد.

ومنذ أن تولّى القائد المؤسّس وزارة الدفاع في سورية عام ١٩٦٦، اهتمّ بالقضية الفلسطينية بشكل كبير، فقدّم الدعم للمقاومين الفلسطينيين، ضمن إطار إيمانه بأن المقاومة هي خيار ناجع ووحيد لطرد المحتل. ففي أثناء تلك المرحلة فتح أبواب المراكز العسكرية لتدريب وتخريج قيادات فلسطينية كانت من الصف الأول، واستمرّ الدعم السوري للمقاومين الفلسطينيين بعد تسلّم القائد حافظ الأسد سدّة الرئاسة في سورية، حيث أمر بإنشاء معسكرات خاصة لتدريب الفدائيين الفلسطينيين عقب خروجهم من الأردن بعد أزمة أيلول الأسود.

وكان الرئيس الخالد هو الذي أشرف بنفسه على الطلقة الأولى التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية كمنظمة رفعت الكفاح المسلح شعاراً لتحرير فلسطين، فكان له الدور التاريخي في حماية الفلسطينيين وفي تقديم جميع ما يلزم من أجل قضيتهم العادلة، وهي قضية تحرير وطنهم، واسترداد حقوقهم المشروعة في فلسطين.

وعلى الرغم من كل الاختلافات في وجهات النظر مع الفصائل الفلسطينية وقتذاك، إلا أن دعم القائد المؤسس لم يتوقف يوماً واحداً، ذلك أن سورية مثلت بقيادته الحاضن والداعم للمقاومة دون شروط أو حدود. ففي مطلع الثمانينيات انطلقت حركة المقاومة “الجهاد الإسلامي” ثم نشأت حركة “حماس” وهما اللتان لقيتا دعماً وحضناً سورياً كان له أثر عظيم في ثباتهما في ظل الانقسام الفلسطيني الداخلي والعدوان الإسرائيلي المستمر.

وكان للرئيس المؤسس أيضاً فضل كبير في إنشاء جيش التحرير الفلسطيني، هذا الجيش الذي يعدّ رمزاً لتطلع الشعب الفلسطيني إلى وطنه، والعودة وتقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة.

وإذا رجعنا إلى الأدبيات التي صدرت عن القائد الأسد، نجد أن القضية الفلسطينية وما تفرّع عنها، وما نتج من احتلالات لأراضٍ عربية من بينها الجولان السوري كانت ولا تزال هي المحور الذي تأسّست عليه العلاقات العربية السورية. لقد نظر القائد المؤسس دائماً إلى قضية فلسطين كقضية سورية تماماً، بذل كل جهوده منذ توليه المسؤولية لإعلان شأن كلمة فلسطين، وتحسين وضع الشعب الفلسطيني، لتقوية موقفه النضالي، والدفاعي لتحرير أرضه، والحصول على حقوقه الوطنية الثابتة في العودة، وتقرير المصير وقيام الدولة الفلسطينية، ولذلك كان قوله: “القدس قبل الجولان”، وقوله: “الحقوق الفلسطينية قبل الحقوق العربية، وأهم”.

وبشكل مشابه تماماً، كان الوضع بالنسبة للمقاومة في لبنان، حيث انطلقت المقاومة الإسلامية “حزب الله” وسط ترحيب ودعم من الرئيس حافظ الأسد، فقدّم لها الدعم الكبير سواء بالمواقف السياسية أم الدعم العسكري، وكان لهذا الدعم السوري أثر كبير في تطوّر قدرات المقاومة وتصاعد عملياتها العسكرية ضد قوات الكيان الإسرائيلي المحتل لجنوبي لبنان وعملائه الذين كانوا يسمّون “جيش لبنان الجنوبي”، حيث أكّد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في مناسبات كثيرة دور القائد المؤسس وأثره الفعّال في بناء ودعم المقاومة في لبنان ودوره الريادي في ترسيخ نهج المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية.

وفي أثناء الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام ١٩٨٢، أمر القائد الخالد الجيش السوري المنتشر في لبنان بالتصدّي للقوات الإسرائيلية المحتلة، وتمكّن من إلحاق خسائر فادحة في صفوف القوات المتقدمة، وقدّم تضحياتٍ بشرية ومادية عظيمة.

وشغل القائد المؤسس دوراً مهماً في صياغة تفاهم نيسان الخطي الذي كفل حق المقاومة اللبنانية في الدفاع عن المدنيين بعد حرب عام ١٩٩٦، حيث توفي القائد المؤسس في ١٠ حزيران من عام ٢٠٠٠ بعد أيام من تحقيق المقاومة في لبنان التحرير التاريخي للجنوب.

وعلى خُطا الرئيس حافظ الأسد يتابع الرئيس المقاوم بشار الأسد دعم القضية الفلسطينية ودعم فصائل المقاومة في لبنان وفلسطين، وهذا موقف ثابت ومبدئي لن تتخلى عنه سورية، وإزاء ذلك تتعرّض سورية لضغوط وعدوان خارجي وعقوبات دولية واعتداءات إسرائيلية متكرّرة على أراضيها، وعلى الرغم من ذلك بقي الموقف السوري ثابتاً ولم يتغيّر من القضية الفلسطينية وضرورة دعم المقاومة حتى التحرير.